حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

وللام الجارة اثنان وعشرون معنى

صفحة 55 - الجزء 2

  أبو حيان في: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ}⁣[البقرة: ٦٥] هي لام الابتداء مفيدة لمعنى التوكيد، ويجوز أن يكون قبلها قسم مقدر وأن لا يكون، اهـ.

  ونص جماعة على منع ذلك كله. قال ابن الخباز في شرح الإيضاح: لا تدخل لام الابتداء على الجمل الفعليَّة إلا في باب «إِنَّ»، اهـ.

  وهو مقتضى ما قدمناه عن ابن الحاجب، وهو أيضاً قول الزمخشري. قال في تفسير {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ}⁣[الضحى: ٥]: لام الابتداء لا تدخل إلا على المبتدأ والخبر؛ وقال في {لَا أُقْسِمُ}⁣[القيامة: ١]: هي لام الابتداء دخلت على مبتدأ محذوف، ولم يقدّرها لامَ القسم، لأنها عنده ملازمة للنون؛ وكذا زعم في {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ}⁣[الضحى: ٥] أن المبتدأ، مقدر أي ولأنت سوف يعطيك ربك.

  وقال ابن الحاجب: اللام في ذلك لام التوكيد، وأما قول بعضهم إنها لام الابتداء وإن المبتدأ مقدَّر بعدها ففاسد من جهات:

  إحداها: أن اللام مع الابتداء كـ «قَدْ» الفعل و «إنَّ» مع الاسم، فكما لا يُحذف الفعل والاسم ويبقيان بعد حذفهما كذلك اللام بعد حذف الاسم.


  قوله: (أن يكون) فتكون لام القسم وقوله وأن لا يكون أي فتكون للابتداء. قوله: (على منع ذلك) أي: منع دخول لام الابتداء على الفعل المضارع في غير باب إن وعلى الماضي الجامد والمتصرف المقرون بقد. قوله: (وهو مقتضى ما قدمناه) في قوله لام الابتداء يجب المبتدأ معها.

  قوله: (مبتدأ محذوف) أي: والله لأنا أقسم قوله: (لام القسم) أي: فيكون لا أقسم جواباً للقسم من غير تقدير مبتدأ. قوله: (كقد مع الفعل) أي: كحال قد مع الفعل بجامع الاختصاص وقوله ويفيان أي قدر إن قوله: (بعد حذفهما) أي: بعد حذف الفعل الذي هو مدخول قد والاسم الذي هو مدخول إن والقصد من هذا الكلام أن الاسم الذي تدخل عليه لام الابتداء لا يحذف وتبقى اللام بعد حذفه كما أن الفعل الذي تدخل عليه قدر والاسم الذي تدخل عليه إن لا يحذفان ويبقى الحرفان بعد حذفهما، واعترض بأنه قد ورد حذف الفعل بقاء قد كما في قوله: وكأن قدي، أي قد زالت ورود حذف الاسم مع بقاء إن نحو:

  إن من يدخل الكنيسة يوماً

  أي: إنه فحذف ضمير الشأن وأجاب الشمني عن الأول بأنه حذف لدليل وكلام ابن الحاجب في الحذف لا لدليل، وفيه أن الحذف لا لدليل ممنوع عموماً وإنما الكلام في امتناع يخص المقام، وعن الثاني بأنه ضعيف وإن ورد قوله: (بعد حذف الاسم) الأوضح