وللام الجارة اثنان وعشرون معنى
  والثانية: أنه إذا قُدر المبتدأ في نحو: «لسوف يقوم زيد» يصير التقدير: لزيد سوف يقوم زيد، ولا يخفى ما فيه من الضعف.
  والثالثة: أنه يلزم إضمار لا يحتاج إليه الكلام، اهـ.
  وفي الوجهين الأخيرين نظر، لأنَّ تكرار الظاهر إنما يَقْبحُ إذا صرح بهما، ولأن النحويين قَدَّرُوا مبتدأ بعد الواو في نحو: «قمت وأصكُ عَيْنَه»، وبعد الفاء في نحو: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ}[المائدة: ٩٥]، وبعد اللام في نحو: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ}[القيامة: ١]، وكل ذلك تقدير لأجل الصناعة دون المعنى، فكذلك هنا.
  وأما الأول فقد قال جماعة في {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ}[طه: ٦٣]: إن التقدير لهما ساحران، فحذف المبتدأ وبقيت اللام، ولأنه يجوز على الصحيح نحو: «لقائِم زيد».
  وإنما يضعف قول الزمخشري أن فيه تَكَلَّفَيْنِ لغير ضرورة، وهما تقدير محذوف
  بعد حذف المبتدأ قوله: (ولا يخفى ما فيه من الضعف) أي: من حيث التكرار أو من حيث إنه لا عائد يعود على المبتدأ. قوله (الوجهين الأخيرين) أي: الجهتين الثانية والثالثة وقوله لأن تكرار الخ لف ونشر مرتب. قوله: (فينتقم) أي: فهو ينتقم وذلك لأن ينتقم متصرف فالواجب حذف الفاء وخرج الفعل المضارع. قوله: (وبعد اللام) الأولى حذفه لأن فيه مصادرة لأن المدعي في تقدير المبتدأ بعد اللام. قوله: (لأجل الصناعة) أي: صناعة النحو وهي أن لام الابتداء لا تدخل إلا على المبتدأ فيقدر في لأقسم مبتدأ وأن الواو الحالية لا تدخل إلا على الاسمية فيقدرون مبتدأ أي وأنا أصك والفعل المضارع المتصرف إذا وقع جواب الشرط تحذف الفاء ويجزم فيقدر قوله فينتقم أي فهو ينتقم فيكون جملة اسمية فصحت الفاء قوله: (دون المعنى) أي: وهو كون الفعلية تفيد الحدوث والتجدد والاسمية تفيد الاستمرار والثبوت فليس هذا من أنظار النحاة. قوله: (وأما الأول فقد قال الخ) تقدم أن الوجه الأول أن اللام مع المبتدأ كقد. الفعل وكأن مع الاسم فكما لا يحذف ما بعدهما فكذا اللام وحاصل رده أننا لا نسلم أن اللام مع المبتدأ كقد مع الفعل الخ، وسند ذلك أن جماعة من النحاة أجازوا حذف المبتدأ بعد اللام ولك البحث في هذا الرد بأن هؤلاء الجماعة هم الذين رد عليهم ابن الحاجب فلا يصح الاستدلال بقولهم.
  قوله: (لأنه يجوز الخ) هذا رد ثانٍ على الوجه الأول وحاصله أنهم توسعوا في لام الابتداء فأدخلوها على غير المبتدأ وهو الخير ولم يتوسعوا في قد بدخولها على غير الفعل ولا في أن يدخلوها على غير المبتدأ، وإذا كان فرق بين اللام وبين قد وإن فلا يتم القياس السابق وقد يقال أن ابن الحاجب لا يقول بهذا الصحيح كما مر عن أماليه فالأولى حذف هذه الجملة. قوله: (وإنما يضعف الخ) أي: إن كلام الزمخشري لا يضعف إلا بهذا الأمر