القسم الثاني: اللام الزائدة
  احتمل كون «لا» عاملة عمل «ليس»، وكونها مهملة والرفع بالعطف على المَحَلّ.
  فأما قوله تعالى: {وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ}[يونس: ٦١] فظاهر الأمر جواز كون «أصغر» و «أكبر» معطوفين على لفظ «مثقال» أو على محله، وجواز كون «لا» مع الفتح تبرئة، ومع الرفع مهملة أو عاملة عمل «ليس»؛ ويُقَوِّي العطفَ أنه لم يُقرأ في سورة سبأ في قوله سبحانه وتعالى: {عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ}[سبا: ٣] الآية، إلا بالرفع لما لم يوجد الخفض في لفظ «مثقال»، ولكن يُشكل عليه أنه يفيد ثبوت العزوب عند ثبوت الكتاب، كما أنك إذا قلت: «ما مَرَرْتُ برَجُلٍ إِلا في الدَّارِ» كان إخباراً بثبوت مرورك برجل في الدار؛ وإذا امتنع هذا تعيَّن أن الوقف على {فِي السَّمَاءِ}[يونس: ٦١]، وأن ما بعدها مستأنف؛ وإذا ثبت ذلك في سورة يونس قلنا به في سورة سبأ، وأن الوقف على {الْأَرْضِ}، وأنه إنما لم يجاء فيه الفتحُ إتباعاً للنقل؛ وجوز بعضهم العطف فيهما على أن لا يكون معنى «يعزب»: يخفى، بل يخرج إلى الوجود.
  من تتمة قوله: وكونها مهملة أي: زائدة فكلاهما وجه واحد قوله: (على المحل) أي: محل من زيت؛ لأنه مبتدأ قوله: (على لفظ مثقال) هذا على قراءة فتح أصغر لمنعه من الصرف وإنما عبر بظاهر لما سيذكره من الامتناع. قوله: (أو على محله) هذا على قراءة رفع أصغر فلا زائدة لتوكيد النفي قوله: (وجواز كون لا الخ) أي: وتكون الجملة مستأنفة. قوله: (ومع الرفع مهملة) أي: كانت عاملة عمل إن ثم أهملت لتكررها فما بعدها مبتدأ قوله: (ويقوي العطف) أي: بوجهيه على اللفظ أو المحل ووجه التأييد أنه لما لم يقرأ في سورة سبأ إلا بالرفع لعدم جر مثقال لفظاً. علم أنه من باب العطف؛ لأنه لو لم يكن من باب العطف لقراء بفتح أصغر وأكبر ورفعهما على أن لا تبرئة أو عاملة عمل ليس أو مهملة. قوله: (أنه يفيد الخ) أي: لأن المعنى لا يخفى على ربك من شيء إلا في الكتاب، أي: فإذا ثبت في الكتاب خفي على الله، وهذا محال. قوله: (عند ثبوت الكتاب) أي: الثبوت فيه. قوله: (وإذا امتنع هذا) أي: العطف لتأديته للمحال وهو ثبوت العزوب عند الكون في كتاب قوله: (تعين أن الوقف) المراد به تمام الكلام قوله: (مستأنف) فعلى الفتح لا تبرئة وعلى الرفع لا مهملة وأصغر مبتدأ أو عاملة عمل ليس وعلى كل فالعزوب ليس مسلطاً عليه. قوله: (وإذا ثبت ذلك) أي: تعين الاستئناف وامتناع العطف. قوله: (وأنه الخ) جواب عما يقال إذا كان مستأنفاً كان المناسب قراءة أصغر وأكبر بالوجهين أعني الفتح والرفع: قوله (اتباعاً للنقل) أي: الواردة لأن القراءة سنة متبعة وليس عدم الفتح لانتفاء الجر في لفظ مثقال كما قيل أولاً. قوله: (فيهما) أي: في الآيتين. قوله: (على أن لا يكون الخ) وجوز بعضهم العطف أيضاً بجعل الاستثناء منقطعاً