حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

القسم الثاني: اللام الزائدة

صفحة 84 - الجزء 2

  الوجه الثالث: أن تكون عاطفة، ولها ثلاثة شروط:

  أحدها: أن يتقدمها إثبات كـ «جاء زيد لا عمرو»، أو أمرٌ كـ «اضْرِبْ زيداً لا عمراً». قال سيبويه: أو نداء، نحو: «يا ابن أخي لا ابن عمّي»؛ وزعم ابن سعدان أن هذا ليس من كلامهم.

  الثاني: أن لا تقترن بعاطف، فإذا قيل: «جاءني زيد لا بل عمرو» فالعاطف «بل»، و «لا» رَدُّ لما قبلها وليست عاطفة. وإذا قلت: «ما جاءني زيد ولا عمرو» فالعاطف الواو، ولا توكيد للنفي، وفي هذا المثال مانع آخر من العطف بلا، وهو تقدم النفي، وقد اجتمعا أيضاً في {وَلَا الضَّالِّينَ ٧}⁣[الفاتحة: ٧].

  والثالث: أن يتعاند متعاطفاها، فلا يجوز «جاءني رجل لا زيد» لأنه يصدق على «زيد» اسم الرجل، بخلاف «جاءني رجل لا امرأة»، ولا يمتنع العطفُ بها على معمول


  والمعنى لكن هو في كتاب مبين قوله: (الوجه الثالث) أي: من أوجه لا النافية لما تقدم أنها تأتي على خمسة أوجه. قوله: (ولها ثلاثة شروط) زاد بعضهم شرطاً رابعاً وهو أن يكون متعاطفاها مفردين فلا تعطف الجمل والحق أنها تعطف الجمل التي لها محل من الإعراب نحو زيد يقوم لا يقعد وأما يقوم زيد لا يقعد فلا يجوز لأنهما لا محل لهما من الاعراب وانظر الفرق بين ما له محل وما ليس له محل. قوله: (أن يتقدمها إثبات) يحتمل أن مراده الإثبات المدلول عليه بصريح الجملة كما مثل فيخرج الاستثناء من النفي فلا يجوز ما زيد إلا قاعد لا قائم، وصرح السكاكي والجرجاني في دلائل الإعجاز بامتناعه قال؛ لأن لا موضوعة؛ لأن ينفي بها ما أوجبته للمتبوع لا لأن تعيد بها النفي لشيء قد نفيته عنه ويحتمل أن مراد المصنف ما يشمل الإثبات المدلول عليه بالاستثناء من النفي فلا يكون موافقاً لهما، فإن قلت كيف يتحقق قولهم أنها موضوعة؛ لأن ينفي بها ما أوجبته قاعد للمتبوع في قولك زيد قائم لا قاعد، قلت: هذا قد نفي فيه الثبوت لزيد عن قاعد بعد أن أثبت لقائم إن مقتضى ما قاله الجرجاني من أنه لا يقال إنما زيد قائم لا قاعد لكن ذكر الخطيب في «التخليص» أنه جائز؛ لأن الحصر وإن أفاد نفي غير القيام عن زيد لكن ليس بمثابة التصريح بالنفي وهذا كما تقول امتنع زيد عن المجيء لا عمرو فتعطف بلا بعد الامتناع مع أن معناه النفي وهي لا تعطف بعد النفي لكون مدلول الكلام ثبوت الامتناع لا امتناع الثبوت.

  قوله: (ولا الضالين) فالعاطف الواو؛ لأنه تقدمها عاطف هو الواو وسبقها النفي بغير. قوله: (الثالث) أي من الشروط. قوله: (أن يتعاند متعاطفاها) أي: بأن يكون أحدهما لا يصدق على الآخر. قوله: (فلا يجوز جاءني رجل لا زيد) أي: ولا مررت برجل لا عاقل قوله: (بخلاف جاءني رجل لا امرأة) أي: وجاءني عالم لا جاهل فهما