حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

القسم الثاني: اللام الزائدة

صفحة 85 - الجزء 2

  الفعل الماضي خلافاً للزجاجي، أجاز: «يقوم زيد لا عمرو»، ومنع «قام زيد لا عمرو»، وما منعه مسموع، فَمَنْعُهُ مدفوع، قال امرؤ القيس [من الطويل]:

  ٣٩٨ - كأنَّ دِثاراً حَلَّقَتْ بِلَبُونِهِ ... عُقَابُ تَنُوفَى لا عُقَابُ الْقَوَاعِل

  دثار: اسم راع، وحلقت: ذهبت، واللَّبُون: نوق ذوات لبن، وتنوفي: جبل عال، والقواعل: جبال صغار. وقوله إن العامل مُقَدَّر بعد العاطف، ولا يقال: «لا قام عمرو» إلا على الدُّعاء مردودٌ بأنه لو توقفت صحة العطفِ على صحة تقدير العامل بعد


  متعاندان فلا يصدق أحدهما عن الآخر. قوله: (أجاز يقوم زيد لا عمرو) أي: لأن عمرو عطف على زيد الذي هو معمول للمضارع. قوله: (ومنع الخ) قال لأن العامل يقدر بعد العاطف وتقديره هنا بعد العاطف لا يصح إذ لا يقال لا قام زيد إلا على جهة الدعاء وهو غير مراد هنا. قوله: (قام زيد لا عمرو) لأن عمرو عطف على معمول الفعل الماضي. قوله: (كان دثاراً الخ) أي: والمعنى كأن هذا الراعي حلقت بنوقه عقبان هذا الجبل العالي لا عقبان هذه الجبال الصغار والشاهد في قوله: لا عقاب فإنه عطف على عقاب الذي هو فاعل الفعل الماضي وهو حلقت قوله: (اسم راع) أي: لامراء القيس؛ لأنه أنشد القصيدة لما نهبت إبله قوله: (وقوله) أي: قول الزجاجي في علة منع قام زيد لا عمرو قوله: (ولا يقال الخ) هذا علة لمحذوف أي: وتقدير العامل بعد العاطف هنا لا يصح إذ لا يقال الخ.

  قوله: (إلا على الدعاء) أي: إلا على سبيل الدعاء مثل لا غفر الله لزيد، أي: والدعاء ليس بمراد هنا أي: وحينئذ ففي العطف بلا على معمول الماضي الباس الخبر بالإنشاء قوله: (مردود الخ) حاصله العامل وإن كان مقدراً بعد العاطف لكن صحة العطف لا تتوقف على صحة تقدير العامل بعد العاطف والتلفظ به بعده، ألا ترى إلى قولهم ليس زيد قائماً ولا قاعداً فإن قاعداً عطف بالواو على قائماً، ولا يصح تقدير العامل بعد العاطف بحيث يقال وليس لا قاعداً؛ لأنه لا يصح مباشرة ليس للا وبالجملة


٣٩٨ - التخريج: البيت لامراء القيس في (ديوانه ص ٩٤؛ وجمهرة اللغة ص ٩٤٩؛ والجنى الداني ص ٢٩٥؛ وخزانة الأدب ١١/ ١٧٧، ١٧٨، ١٨١، ١٨٤؛ والخصائص ٣/ ١٩١؛ وشرح التصريح ٢/ ١٥٠؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٤٤١، ٢/ ٦١٦؛ ولسان العرب ٨/ ٣٤٢ (ملع)؛ والمقاصد النحوية ٤/ ١٥٤؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني ٢/ ٤٢٧؛ ومجالس ثعلب ص ٤٦٦؛ والممتع في التصريف ١/ ١٠٤).

شرح المفردات: دثار: اسم رجل كان يرعى إبل امراء القيس. اللبونة ذات اللبن. تنوفي: اسم موضع في جبال طيّاء معروف بارتفاعه. القواعل: اسم موضع قليل الارتفاع.

المعنى: يصف الشاعر إبله التي أغار عليها الأعداء فتفرقت بقوله: كأنّ عقاباً من عقبان تنوفي قد خطفت تلك الإبل وحلّقت بها بعيداً بحيث يصعب الوصول إليها، وليس عقاب القواعل المعروفة بقلة ارتفاعها.