حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

القسم الثاني: اللام الزائدة

صفحة 96 - الجزء 2

  ٤٠٦ - فَلاَ الْجَارَةُ الدُّنْيَا بِهَا تِلْحَيَنَّهَا ... وَلا الضَّيْفُ عَنْهَا إِنْ أَنَاخَ مُحَوَّلُ

  بل هو في الآية أسهل؛ لعدم الفصل، وهو فيهما سماعي، والذي جَوَّزَه تشبيه «لا» النافية بـ «لا» الناهية، وعلى هذا الوجه تكون الإصابة عامة للظالم وغيره، لا خاصة بالظالمين كما ذكره الزمخشري؛ لأنها قد وُصفت بأنها لا تصيب الظالمين خاصة، فكيف تكون مع هذا خاصة بهم؟

  والثاني: أن الفعل جواب الأمر، وعلى هذا فيكون التوكيد أيضاً خارجاً عن القياس شاذاً، وممن ذكر هذا الوجه الزمخشري، وهو فاسد، لأن المعنى حينئذ:


  قوله: (لعدم الفصل) أي: بين لا وبين الفعل وأما البيت فإنه فصل بين لا والفعل بقوله: الدنيا بها قوله: (والذي جوزه الخ) أي: والمعنى حينئذ واتقوا فتنة موصوفة بأنها لا تصيب الظالم خاصة، بل تعم الظالم وغيره لما هو معلوم أن البلوى تعم. قوله: (كما ذكره الزمخشري) هذا يفيد أنه ذكر هذا القول مع أنه لم يذكره، فالأولى للمصنف أن يحذف قوله: كما ذكره الزمخشري من هنا ويضعها عند الوجه الأول، وهو أن لا ناهية والجملة صفة عند قوله فالإصابة خاصة بالمتعرضين اهـ تقرير دردير، ويمكن أن يقال إن قوله كما ذكره الزمخشري راجع للمنفي وهو قوله خاصة بالظالمين، وإن لم يكن ذكر هذا القول تأمل.

  قوله: (خارجاً) أي: لأن الفعل ليس فيه طلب بل هو منفي. قوله: (لأن المعنى حينئذ) أي: لأن المعنى على حسب ما تقتضيه القواعد فإنكم الخ، وإن كان الزمخشري قدر تقديراً حسناً لأنه قال إن أصابتكم فلا تصب الظالم خاصة وبهذا اندفع ما يقال كيف تقول إن المعنى الخ مع أن الزمخشري قدر معنى صحيحاً حاصله إن أصابتكم لا تصب الظالم خاصة وهذا معنى صحيح في نفسه لكن هذا المعنى ليس هو مقتضى القواعد فلذا اعترضه المصنف بأن تقديره، وإن كان صحيحاً إلا أنه مخالف للقواعد فالحاصل أن تقدير الزمخشري وإن خرج به عن عهدة الفساد الذي ذكره المصنف لكن فيه مخالفة للقواعد، فإن رجع للقواعد لزمه الفساد الذي ذكره المصنف وأجاب السعد عنه بأنه مشى على قول الكوفيين الذين يلتزمون التقدير من جنس ما سبق بل يقدر وما ينسب المقام كائناً ما كان فمن ثم يجزمون في لا تدن من الأسد يأكلك بتقدير إن تدن يأكلك فالمعنى إن لم تقوا لا تصيبن الخ، أي تعم فعبر عن عد التقوى بسببها وهو الإصابة، فالمعنى إن لم تقوا


٤٠٦ - التخريج: البيت للنمر بن تولب في (ديوانه ص ٣٧٣؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٦٢٨؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٣٤٢؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني ٢/ ٤٩٨).

اللغة: الجارة الدنيا: أقرب الجارات تلحينها تلومها وتذمّها. أناخ ناقته: جعلها تبرك. محوّل: منتقل.

المعنى: لا تلومها القريبات منها، ولا يجد الضيف سبباً يجعله يفارقها، إذا ما حلّ بها.