القسم الثاني: اللام الزائدة
  هذه القراءة نافية لا غير ومن نصبه فهو معطوف على {يُؤْتِيَهُ} كما أن {يَقُولَ} كذلك، و {لَا} على هذه زائدة مؤكّدَةٌ لمعنى النفي السابق؛ وقيل: على {يَقُولَ} ولم يذكر الزمخشري غيره، ثم جوز في {لَا} وجهين:
  أحدهما: الزيادة فالمعنى: ما كان لبشر أن ينصبه الله للدعاء إلى عبادته وتزك الأنداد، ثم يأمر الناس بأن يكونوا عباداً له ويأمركم أن تتّخذوا الملائكة والنبيين أرباباً.
  والثاني: أن تكون غير زائدة، ووجهه بأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يَنْهى قريشاً عن عبادة الملائكة، وأهل الكتاب عن عبادة عُزَيْر وعيسى، فلما قالوا له: أنتخذك رَبَّا؟ قيل لهم: ما كان لبشر أن يَسْتَنْبئه الله ثم يأمر الناس بعبادته وينهاهم عن عبادة الملائكة والأنبياء، هذا ملخص كلامه، وإنما فسّر لا يأمر» بـ «ينهى» لأنها حالته
  قوله: (وقيل على يقول) يؤخذ من هذا أن العطف بالواو إذا تكرر يصح عطفه على ما قبله وعلى الأول.
  قوله: (ولم يذكر الزمخشري غيره) أي: بل اقتصر على كونه عطفاً على يقول على قراءة النصب. قوله: (ووجهه) أي وجه الزمخشري كونها نافية على قراءة النصب وحاصله أن المعنى أنه ليس لبشر أن يجمع بين هذه الثلاثة. قوله: (وأهل الكتاب) وهم اليهود بالنسبة للعزير والنصارى بالنسبة لعيسى. قوله: (فلما قالوا الخ) أي: حين شدد عليهم في عدم العبادة لغير الله. قوله: (قيل الخ أي: نزول قوله تعالى ما كان الخ) أي: ما كان لبشر أن يجمع بين ثلاثة أوصاف متنافية الأول النبوة والثاني الأمر بعبادة نفسه والثالث النهي عن عبادة الملائكة ووجه التنافي في الأولين أن مقتضى كونه نبياً انه عبد ومقتضى الأمر بعبادته انه له فهما متنافيان ووجه التنافي بين الأخيرين ما أشار له المصنف بقوله؛ لأن نهيه الخ وحاصلة أن نهيه عن عبادة الملائكة ليس إلا لكونهم مخلوقين فمقتضاه ان لا يأمر بعبادة مخلوق وهذا يناقضه أمره بعبادة نفسه. قوله: (أن يستنبئه) أي: يجعله الله نبياً. قوله: (ثم يأمر) تفسير لقوله، ثم يقول الخ، وقوله: وينهاهم عن عبادة الخ تفسير لقوله ولا يأمركم وسيأتي الجواب عن اعتراض حاصله أن الأمر صادق بالنهي والسكوت فكيف يفسره بالنهي، وحاصل الجواب ان حالة النبي دائرة بين أمرين النهي والأمر، فإذا انتفى الأمر ثبت النهي وأنت خبير بأن سكوته أمر فهو منفي.
  قوله: (وينهاهم الخ) هذا يشير إلى أن لا نافية؛ لأن الأمر بعبادة الملائكة هو النهي عن عبادتهم. قوله: (وإنما فسر الخ) أي: مع أن عدم الأمر بعبادة الملائكة صادق بالسكوت عن أمرهم بعبادتهم وبالنهي عن عبادتهم فهو من تفسير الأعم بالأخص. قوله: (لأنها) أي: النهي وانت نظراً للخبر وفي نسخة؛ لأنه أي النهي عن عبادة الملائكة حالته # التي كان عليها في الواقع؛ لأنه كان الواقع منه النهي عن ذلك لا السكوت عن