استعملت فيه أن تعقبه بحرف الاستدراك داخلاً على فعل الشرط منفياً لفظاً أو معنى، تقول: «لو جاءني أكرمته، ولكنه لم يجاء»، ومنه قوله [من الطويل]:

  ٤١٤ - وَلَوْ أَنَّ مَا أَسْعَى لَأَدْنَى مَعِشَةٍ ... كَفَانِي - وَلَمْ أَطْلُبْ - قَلِيلٌ مِنَ الْمَالِ

  وَلَكِنَّمَا أَسْعَى لِمَجْدِ مُؤَثَلٍ ... وَقَدْ يُدْرِكُ المَجْدَ المؤثلَ أَمْثَالِي

  وقوله [من الطويل]:

  فصحته بعدها تفيد أنها للامتناع هذا حاصله وفيه نظر. قوله: (بحرف الاستدراك) أي: لأجل أن تفيد أن العلة في امتناع الجواب عدم الشرط والاستدراك بعدها من باب التصريح بما علم التزاماً، فإذا قلت لو جاءني لأكرمته، أفاد أنه لم يجاء فإذا قلت لكنه لم يجيء فقد صرحت بما هو معلوم، وقد يقال إن صحته الاستدراك لا تفيد أنها للامتناع إذ يصح الاستدراك بعد مجرد التعليق ودفعاً لتوهم ثبوت المعلق عليه نحو كلما كانت الشمس طالعة كان النهار موجوداً لكن الشمس ليست طالعة ولا قائل إن كلما تفيد الامتناع. قوله: (لفظاً أو معنى) تعميم في فعل الشرط المنفي يعني: أن حرف الاستدراك إما أن يدخل على لفظ فعل الشرط المنفي وإما أن يدخل على شيء هو في معنى فعل الشرط المنفي كما في بيت امراء القيس. قوله: (لفظاً أو معنى) تفصيل لفعل الشرط، والأصل على لفظ الشرط أو معناه منفياً محذوف المضاف وأعرب تمييزاً فاللفظ كما في قوله لكنه لم يجاء وكما في قوله:

  ولكن حمد الناس ليس بمخلد

  وكما في ولكنما أسعى الخ، كما في الآيتين وبيت الحماسي، ويحتمل أن قوله لفظاً راجع لقوله: منفياً، أي منفياً في اللفظ كما في المثال، وقوله: ولكن حمد الناس، ومثال المنفي معنى ولكنما أسعى وقوله: ولكن حق الخ وبيت الحماسي والاحتمالان صحيحان قوله: (ومنه قوله) أي: قول امراء القيس. قوله: (ولو أن ما أسعى) يحتمل أن ما موصولة اسمية أو حرفية أي: ولو أن سعيي أو ولو أن الذي أسعاه ويحتمل أنها كافة، وكذا ما في قوله لكنما ففيه أوجه ثلاثة، والمعنى لو ثبت سعيي لأدنى معيشة كفاني قليل من المال ولكن لا أسعى لأدنى معيشة بل أسعى لمجد مؤثل وهو السلطنة والمؤثل

٤١٤ - التخريج: البيتان لامراء القيس في (ديوانه ص ٣٩ والإنصاف ١/ ٨٤؛ وتذكرة النحاة ص ٣٣٩؛ وخزانة الأدب ١/ ٣٢٧، ٤٦٢؛ والدرر ٥/ ٣٢٢؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٣٤٢ ٢/ ٦٤٢؛ وشرح قطر الندى ص ١٩٩؛ والكتاب ١/ ٧٩؛ والمقاصد النحوية ٣/ ٣٥؛ وهمع الهوامع ٢/ ١١٠؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني ١/ ٢٠١، ٣/ ٦٠٢؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٨٨٠؛ والمقتضب ٤/ ٧٦؛ والمقرب ١/ ١٦١).

اللغة والمعنى: أسعى أجد أعمل أدنى معيشة: حياة عادية.

يقول: لو أنه يسعى لحياة عادية لكفاه قليل من المال، ولكنّه يسعى في طلب الملك والسيادة لذلك يتوجب عليه الجد والسعي المستمر.