حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

أحدها: لو المستعملة

صفحة 127 - الجزء 2

  لا غافلين ولا ذاكرين.

  الثاني - لهجت الطلبة بالسؤال عن قوله تعالى: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ٢٣}⁣[الأنفال: ٢٣] وتوجيهه أن الجملتين يتركب منهما قياس، وحينئذ فينتج: لو علم الله فيهم خيراً لتولّوا، وهذا مستحيل، والجواب من ثلاثة أوجه، أثنان يرجعان إلى نفي كونه قياساً، وذلك بإثبات اختلاف الوسط، أحدهما: أن التقدير لأسمعهم إسماعاً نافعاً، ولو أسمعهم إسماعاً غير نافع لتولوا؛ والثاني أن تقدر ولو أسمعهم على تقدير عدم علم الخير فيهم؛ والثالث بتقدير كونه قياساً متَّحِدَ الوسط صحيح الإنتاج، والتقدير: ولو علم الله فيهم خيراً وقتاً ما لتولوا بعد ذلك الوقت.


  غافلين ولا ذاكرين) أي: لأن السالبة تصدق بنفي الموضوع قوله: (ولو علم الله فيهم خيراً) أي: صلاحاً لسماع الحق وهذه صغرى وقوله: ولو أسمعهم كبرى. قوله: (وهذا مستحيل) أي: لأنه عند علم الله فيهم الخير يأتوا ولم يتولوا قوله: (وذلك ثبات اختلاف الوسط) أي: اختلاف الحد الوسط. قوله: (أحدهما ان التقدير لأسمعهم إسماعاً نافعاً الخ) أي: فلم يتحد الحد الوسط؛ لأن الإسماع الأول مقيد بكونه نافعاً، والثاني مقيد بكونه غير نافع قوله: (على تقدير عدم علم الخير فيهم) أي: بأن علم أن فيهم شراً فلم يتحدا الحد الوسط؛ لأن الإسماع الأول مقيد بعلمه الخير فيهم والثاني مقيد بعلمه الشر فيهم ولو قال المصنف مع علمه عدم الخير فيهم كان أولى لكنه نظر إلى أن عدم علم الخير فيهم يصدق بعلم عدم الخير الذي هو المطلوب.

  قوله: (والثالث الخ) أي: والجواب الثالث المثبت كونه قياساً ملتبس بتقدير في الجملتين لشيء يكون به قياساً. قوله: (بتقدير الخ) أي: أن يقدر في كل مقدمة ما يصح به القياس لأجل أن تصح النتيجة ولا يكون محالاً. وحاصل القياس مع التقدير أن يقال لو علم الله فيهم خيراً في وقت ما لأسمعهم فيه ولو أسمعهم فيه لتولوا بعد ذلك الوقت ينتج لو علم الله فيهم خيراً في وقت ما لتولوا بعد ذلك فقول المصنف إن التقدير أي: تقدير النتجة ولا يتأتى تقدير النتيجة هكذا إلا من التقدير في المقدمات كما علمت. قوله: (ولو علم الله فيهم خيراً وقتاً ما الخ) هناك جواب رابع وهو أن لو الأولى امتناعية أي: انتهى اسماع الله إياهم لعدم علمه الخير فيهم ولو الثانية لتقرير الجواب على كل حال مثل لو لم يخف الله لم يعصه وهي مستأنفة لبيان استمرار عدم الخيرية فيهم والمعنى أن التولي واقع منهم ولا قد إذا أسمعهم فكيف إذا لم يسمعهم ولهذا الجواب يشير تمثيل المصنف سابقاً للو التي لتقرير الجواب بقوله: ولو أسمعهم لتولو أو هناك جواب خامس وهو أن لو الثانية امتناعية أيضاً والمعنى انتفى توليهم وإعراضهم لعدم إسماع الله إياهم وإنما لم يسمعهم لعلمه بعدم الخير فيهم ولا يلزم من عدم إعراضهم إيمانهم؛ لأن الفرض أن الله طبع على