الثاني من أقسام «لو»: أن تكون حرف شرط في المستقبل
  ٤١٨ - لا يُلْفِكَ الرَّاجِيكَ إِلا مَظْهِراً ... خُلُقَ الْكِرَامِ، وَلَوْ تَكُونُ عَدِيما
  وقوله تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ}[النساء: ٩]، أي: ولْيَخْش الذين إن شارَفوا وقاربوا أن يتركوا، وإنما أوَّلنا «التَّرْك» بمشارفة الترك لأن الخطاب للأوصياء، وإنما يتوجّه إليهم قبل الترك، لأنهم بعده أموات، ومثله: {لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ٢٠١}[الشعراء: ٢٠١] أي: حتى يشارفوا رؤيته ويقاربوها، لأن بعده {فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ٢٠٢}[الشعراء: ٢٠٢]، وإذا رأوه ثم جاءه لم يكن مجيئه لهم بغتة وهم لا يشعرون؛ ويحتمل أن تُحْمَلَ الرُّؤْية على حقيقتها، وذلك على أن يكونوا يرونه فلا يظنُّونه عذاباً مثل: {وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ
  يؤخذ بثأره. قوله: (لا يلفك) لا ناهية ويلف فعل مضارع بمعنى يجد والكاف مفعول أول والراجيك فاعل مرفوع بضمة مقدرة على الياء ومظهراً مفعوله الثاني. قوله: (الراجيك) في نسخة الراجوك بالجمع وهو أنسب بوصل أل بالمضاف. قوله: (الذين لو تركوا) الجملة الشرطية صلة الموصول أي: الذين شأنهم ذلك وليخش أي: وليخف الأوصياء على الأيتام الذين وقوله من بعدهم أي من بعد موتهم وقوله ذرية ضعافاً أي: أولاداً صغاراً وقوله: خافوا عليهم الضياع، وقوله فليتقوا الله أي: في أمر اليتامى ويفعلون بهم. ما يحبون أي: يفعل بذريتهم. قوله: (لأن الخطاب) أي: وليصح الجواب بقوله: خافوا، فإن خوفهم قبل الموت؛ وقيل: إن الآية في حق قوم كانوا يأمرون الميت بتفريق ماله ويقولون: ذريتك لا تنفعك.
  قوله: (وإنما يتوجه) أي: الخطاب إليهم قبل الترك أي: وهم أحياء وقوله: إن شارفوا أشار بذلك إلى أن لو بمعنى إن التي هي للتعليق في المستقبل وقدر شارفوا إشارة إلى أن الكلام على حذف مضاف. قوله: (بعده الخ) هذا التأويل لا يحتاج له إلا إذا جعلت الفاء للترتيب المعنوي ويحتمل الذكرى وأن ما بعدها مفصل لإجمال ما قبلها. قوله: (ومثله) أي: في تقرير المشارفة. قوله (حتى يروا العذاب الأليم) أي: الملجيء لإيمانهم فإذا رأوه آمنوا به قوله: (أن تحمل الرؤية على حقيقتها) فالمعنى لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم ظانين أنه غير عذاب. قوله: (وأن يروا كسفاً) أي: عذاباً نازلاً من
٤١٨ - التخريج: البيت بلا نسبة في (الجنى الداني ص ٢٨٥؛ وجواهر الأدب ص ٢٦٧؛ وشرح الأشموني ٣/ ٦٠٠؛ وشرح التصريح ٢/ ٢٥٦؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٦٤٦؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٤٦٩).
اللغة: ألفاه: وجده الراجي: هو الآمل بالنوال. العديم: الفقير.
المعنى: اعتدت أن تفرح بعطائك وجودك لمن يرجوها منك، واعتادوا أن لا يجدوك إلا فرحاً إذ تعطيهم حتى لو كنت فقيراً لا تملك ما تعطيه.