حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (لولا) على أربعة أوجه:

صفحة 158 - الجزء 2

  وذكر الهروي أنها تكون نافية بمنزلة «لم»، وجعل منه: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ}⁣[يونس: ٩٨]، والظاهر أن المعنى على التوبيخ، أي: فهلا كانت قرية واحدة من القُرَى المُهْلَكة تابَتْ عن الكفر قبل مجيء العذابِ فنفعها ذلك، وهو تفسير الأخفش والكسائي والفرّاء وعلي بن عيسى والنخاس، ويؤيده قراءة أبي وعبد الله: «فهلاً كانَتْ»، ويلزم من هذا المعنى النفي، لأن التوبيخ يقتضي عدم الوقوع، وقد يُتَوَهَّم أن الزمخشري قائل بأنها للنفي لقوله: الاستثناء منقطع بمعنى «لكن»، ويجوزُ كونه متَّصِلاً والجملة في معنى النفي، كأنه قيل: «ما آمنت» ولعله إنما أراد ما ذكرنا، ولهذا قال: «والجملة في معنى النفي»، ولم يقل: «ولولا للنفي»، وكذا قال في: {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا}⁣[الأنعام: ٤٣]: معناه نفي التضرع، ولكنه جيء بـ «لولا» لِيُفَاد أنهم لم يكن لهم عذر في تَرْك التضرع إلا عنادهم وقسوة قلوبهم وإعجابهم بأعمالهم التي زَيَّنها الشيطان لهم. اهـ.

  فإن احتج محتج للهروي بأنه قُراء بنصب {قَوْم} على أصل الاستثناء، ورفعه على


  بعدها ماض فالمعنى ما كان ينبغي عدم نزول ملك معه يكون نذيراً. معه فهم وبخوا النبي على عدم إتيانه لهم بالملائكة ولكن الظاهر أنها للتحضيض أي: أنهم طلبوا منه الإتيان لهم بالملائكة طلباً قوياً ويدل لذلك الآية الأخرى لو ما تأتينا بالملائكة اهـ تقرير دردير. قوله: (وذكر الهروي الخ) لما كان هذا للهروي من عنده ولم يوافقه أحد فيه كان ضعيفاً فلم يعده المصنف خامساً ولما كان ما قبله للهروي ووافقه بعض عده المصنف رابعاً، وإن كان ضعيفاً إلا أنه ليس ضعفه قوياً مثل الثاني.

  قوله: (أي فهلا كانت قوية) أي: ما كان ينبغي لأهل قرية من القرى المهلكة عدم توبتهم عن الكفر قبل مجيء العذاب فالموبخ عليه ترك التوبة عن الكفر. قوله: (ويلزم من هذا المعنى) هذا تمهيد لما يذكر من كلام الزمخشري. قوله: (النفي) أي: نفي الموبخ عليه كالتوبة هنا قوله: (عدم الوقوع) أي: عدم وقوع الموبخ عليه؛ لأن التوبيخ إنما هو على تركه. قوله: (بمعنى لكن) أي: لمغايرة ما بعد إلا قبلها؛ لأن ما بعدها آمنوا دون ما قبلها. قوله: (متصلاً) نظر إلى أن قوم يونس من أهل القرى قوله: (والجملة) أي: جملة فلولا كانت قرية آمنت وهذا هو محل الإيهام. قوله: (ولعلة) أي: الزمخشري إنما أراد ما ذكرناه من أن لولا للتوبيخ والتوبيخ يلزمه النفي. قوله: (معناه) أي: معنى هذا الكلام. قوله: (ولكنه الخ) جواب عما يقال إنه إذا كان المراد ما ذكر فلم عدل عن ما إلى لولا فأجاب بأنه عدل للولا ليفاد الخ ووجه الإفادة أن لولا للتوبيخ ولا يوبخ إلا غير المعذور. قوله: (فإن احتج محتج للهروي) أي: القائل أن لولا للنفي لا للتوبيخ. قوله: (ورفعه على الإبدال) أي: ولا يجوز الرفع على الإبدال إلا بعد النفي، وأما بعد الإيجاب فلا يصح إلا