حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (لما): على ثلاثة أوجه

صفحة 169 - الجزء 2

  الثاني من أوجه «لما»: أن تختص بالماضي، فتقتضي جملتين وُجدت ثانيتهما عند وجودِ أولاهما، نحو: «لما جَاءَنِي أكْرَمْتُه». ويقال فيها: حرف وجود لوجود وبعضُهم يقول: حرف وجوب لوجوب، وزعم ابن السراج، وتبعه الفارسي، وتبعهما ابن جني، وتبعهم جماعة أنها ظرف بمعنى «حين»، وقال ابن مالك: بمعنى «إذ»، وهو حسن لأنها مختصة بالماضي وبالإضافة إلى الجملة.

  ورَدَّ ابنُ خروف على مُدَّعي الاسمية بجواز أن يقال: «لما أكْرَمْتَنِي أمْسِ أكرمتك اليوم»، لأنها إذا قُدرت ظرفاً كان عاملها الجواب، والواقع في اليوم لا يكون في الأمس.

  والجواب أن هذا مثلُ {إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ}⁣[المائدة: ١٦] والشرط لا يكون


  ونفيه معناه انتفاء الفعل في الزمان الماضي وهو محتمل لاستمرار الانتفاء في الزمن الماضي لحين التكلم ولانقطاع انتفائه في الماضي وهذا المعنى مفاد لم. قوله: (قد فعل) وذلك لأن قد فعل معناه قد حصل الفعل في الماضي القريب من الحال ونفيه معناه انتفاء الفعل في الماضي القريب من الحال، وحينئذ فالانتفاء مستمر للحال وهذا المعنى هو مفاد لما. قوله: (وجدت ثانيهما) أي: مضمونها عند وجود أولاهما أي: مضمونها. قوله: (حرف وجود) أي: حرف يقتضي وجود جوابه لأجل وجود شرطه فاللام في لوجود للتعليل. قوله: (حرف وجوب) أي: حرف ثبوت أي للثاني لثبوت الأول واللام للتعليل والمراد بالبعض القائل لهذا سيبويه قوله: (أنها) أي: المختصة بالماضي المقتضية لجملتين وجدت ثانيتهما عند وجود أولاهما.

  قوله: (بمعنى حين) ولذا تسمى الحينية ورد بنحو فلما قضينا عليه الموت ما دلهم وما لا يعمل ما بعدها فيما قبلها إلا أن يراعي التوسع في الظروف ولا. يصح أن يكون عاملها قضينا؛ لأن المضاف إليه لا يعمل في المضاف وأيضاً أجمعوا على جواز زيادة إن بعدها، ولو كانت طرفاً مضافاً لزم الفصل بين المتضايفين إلا أن يقال عهد جنس ذلك قال الدماميني: والظاهر أنها عند هؤلاء غير مضمنة معنى الشرط ألا ترى أنك إذا قلت حين قام زيد، قمت لم يكن في هذا اللفظ دلالة على سببية الأول للثاني فكذا في قولك لما قام زيد قمت الذي بمعناه اهـ وقد هو لأنه لا يلزم من كون كلمة بمعنى أخرى أن تكون يمنع مماثلة لها في جميع الأمور. قوله: (وبالإضافة إلى الجملة) أي: وإذ كذلك. قوله: (على مدعي الإسمية) أي: بمعنى حين أو إذ قوله: (بجواز لما الخ) أي: بجواز التعبير بذلك على أنها حرف تعليق لا على أنها ظرفية لأنها الخ. قوله: (إذا قدرت ظرفاً) أي: بمعنى حين. قوله: (كان عاملها الجواب) أي: فينحل المعنى أكرمتك اليوم حين ووقت أكرمتني أمس وهذا لا يصح، لأن الواقع في اليوم لا يكون في أمس. قوله: (مثل إن كنت قلته) أي: في وقوع الشرط ماضياً.