حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (لما): على ثلاثة أوجه

صفحة 170 - الجزء 2

  إلا مستقبلاً، ولكن المعنى إن ثَبَتَ أني كنت قلت، وكذا هنا المعنى لما ثبت اليوم إكرامك لي أمس أكرمتك.

  ويكون جوابها فعلاً ماضياً اتفاقاً؛ وجملة اسمية مقرونة بـ «إذا» الفجائية أو بالفاء عند ابن مالك؛ وفعلاً مضارعاً عند ابن عصفور. دليل الأول: {فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ}⁣[الإسراء: ٦٧]، والثاني: {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ٦٥}⁣[العنكبوت: ٦٥]، والثالث: {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ}⁣[لقمان: ٣٢]، والرابع: {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا}⁣[هود: ٧٤]، وهو مؤوّل بـ «جادلنا»، وقيل في آية الفاء: إن الجواب محذوف، أي انقسموا قسميْن فمنهم مقتصد، وفي آية المضارع إن الجواب {جَاءَتْهُ الْبُشْرَى} على زيادة الواو، أو محذوف، أي: أقْبَلَ يجادلنا.

  ومن مُشكل «لما» هذه قول الشاعر [من الطويل]:

  ٤٥٩ - أقُولُ لِعَبْدِ اللَّهِ لَمَّا سِقَاؤُنَا ... وَنَحْنُ بِوَادِي عَبْدِ شَمْسٍ وَهَاشِمِ


  قوله: (لما ثبت الخ) فاليوم بدل من لما أو إن زمن الثبوت جزء من اليوم فلم يلزم عمل الفعل في زمنين مختلفين بل هو مثل أكرمتك وقت الظهر يوم الجمعة. قوله: (اتفاقاً) الأولى تأخيره بعد قوله جملة اسمية مقرونة بإذا لأنها كالتي قبلها من محل الاتفاق، وأما بعده فالخلاف فيهما قوله: (عند ابن مالك) راجع للفاء وأما إذا فهو باتفاق. قوله: (وهو مؤول الخ) هذا بيان لمذهب ابن عصفور؛ لأنه يقول إن جوابها قد يكون مضارعاً بمعنى الماضي لما سبق صدر المبحث أنها تختص بالماضي فتقتضي جملتين الخ. قوله: (فيقال) أي: في الإشكال قوله (أين فعلاها) أي: فهي هنا دخلت على اسم مع أنها تدخل على فعلين ماضيين أحدهما مرتب على الآخر. قوله: (سقط) أي: فوها فعل لا أنها جزء من علم شخص، وكان حق ذلك أن يكتب بالياء؛ لأنه فعل ثلاثي من ذوات الياء لكنه كتب بالألف لأجل الألغاز. قوله: (والجواب محذوف) هذا إذا كانت شرطية كما هو أحد الأقوال أما إن قلنا انها بمعنى حين فهي ظرف لأقول متعلق به، ولا حذف والمعنى أقول لعبد الله حين وهي سقاؤنا.

  قوله: (لما سقط سقاؤنا) أي: لما سقط آلة السقي منا في البئر، قلت: لعبد الله


٤٥٩ - التخريج البيت لتميم بن رافع المخزومي في (شرح أبيات المغني ٥/ ١٥٣؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني ٢/ ٣١٦، ٣/ ٥٥٧؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٦٨٢).

اللغة: السقاء: وعاء من جلد الماعز يملأ ماء أو لبناً. وهي سقط أو بلي، وشم: انظر، أو ترقب.

المعنى: أقول لعبد الله لما سقط وعاء منا، ونحن بوادي عبد الشمس، أن جده وارفعه.