· (لما): على ثلاثة أوجه
  فيقال: أين فغلاها؟ والجواب أن «سقاؤنا» فاعل بفعل محذوف يفسره وَهَى «سَقَطَ»، والجواب محذوف تقديره قلت، بدليل قوله: أقول، وقوله «شم» أمر من قولك: «شِمْتُ البَرْقَ» إذا نظرت إليه، والمعنى لما سقط سقاؤنا قلت لعبد الله شمه.
  والثالث: أن تكون حرف استثناء، فتدخل على الجملة الاسمية، نحو: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ٤}[الطارق: ٤] فيمن شدَّد الميم، وعلى الماضي لفظاً لا معنى نحو: «أنشدُكَ الله لَمَّا فَعَلْتَ»، أي: ما أسألُك إلا فعلك، قال [من الرجز]:
  ٤٦٠ - قَالَتْ لَهُ باللَّهِ يَا ذَا الْبُرْدَيْنَ ... لمَّا غَنِثَتَ نَفَساً أَوِ اثْنَيْن
  وفيه رد لقول الجوهري: إنَّ «لما» بمعنى «إلا غير» معروف في اللغة.
  وتأتي «لما» مركبة من كلمات، ومن كلمتين.
  فأما المركبة من كلمات فكما تقدم في: {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ}[هود: ١١١] في قراءة ابن عامر وحمزة وحَفْص بتشديد نون «إِنَّ» وميم «لما»، فيمن قال: الأصل: لِمَنْ ما فأبدلت النون ميماً وأدغمت، فلما كثرت الميمات حذفت الأولى،
  شمه، أي: انظره. قوله: (إن كل نفس لما عليها حافظ) أي: ما كل نفس إلا عليها حافظ. قوله: (أنشدك الله) معناه أسألك بالله وهو على معنى النفي، أي: ما أسألك بالله إلا فعلك ففعلت ماضي بمعنى المضارع. قوله: (ما سألك الخ) كأنه تفسير لأنشدك ولذا صح التفريغ بعده لتضمنه معنى النفي وبعضهم يقدر هنا نفياً بعد صيغة المناشدة أي: أسألك بالله لا تفعل شيئاً إلا فعلك كذا. قوله: (بالله) أي: أقسم عليك بالله لا تفعل شيئاً إلا غنثك وغنث بكسر النون كعلم قوله: (لما غنثت) أي: بغين معجمة فنون فمثلثه مسند للمخاطب من باب علم والغنث هو التنفس عقب الشرب وكنت به عن الراحة بعد الجماع، والمستثنى منه محذوف، أي: لا تفعل شيئاً إلا غنثك أي: راحتك بعد الجماع مرة أو مرتين. قوله: (فكما تقدم) لعله أراد مثل لما التي تقدمت إلا فهذا التركيب لم يتقدم له هنا أصلاً. قوله: (فيمن قال) أي: وهذا في قول من قال أي: ان جعل لما في هذه الآية مركبة من كلمات مبنى علي قول من قال قوله: (الأصل لمن ما) وبكسر ومن
٤٦٠ - التخريج: الرجز بلا نسبة في (الجنى الداني ص ٥٩٣؛ والدرر ٣/ ١٨٨، ٤/ ٢٢٢، ٢٢٥؛ وشرح شواهد المغني ص ٦٨٣؛ ولسان العرب ٢/ ١٧٣ (غنث)؛ وهمع الهوامع ١/ ٢٣٦، ٢/ ٤٥).
اللغة البرد: رداء يمني مخطط. وغَنَث من اللبن يغنث: شرب منه ثم تنفس، وجاءت (غنث) هنا بمعنى (أتعب).
المعنى: أناشدك الله يا صاحب الثوبين المخططين، لا تفعل شيئاً يتعبك.