حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (لو) على خسمة أوجه:

صفحة 173 - الجزء 2

  والحق أن لا يُسْتَبْعَد لذلك، اهـ.

  وفي تقديره نظر. والأولى عندي أن يُقدّر «لمَّا يُوَفِّوا أعمالهم» أي: أنهم إلى الآن لم يوفوها وسيوفونها، ووجه رجحانه: أمران أحدهما: أن بعده {لَيُوَفِّيَنَّهُمْ} وهو دليل على أن التوفية لم تقع بعد وأنَّها ستقع؛ والثاني: أن منفي «لما» متوقعُ الثبوتِ كما قدمنا، والإهمال غير متوقع الثبوت.

  وأما قراءة أبي بكر بتخفيف {أنْ} وتشديد {لمَّا} فتحتمل وجهين؛ أحدهما: أن تكون مخفّفة من الثقيلة، ويأتي في «لما» تلك الأوجه؛ والثاني: أن تكون «أن» نافية، و {كلا} مفعول بإضمار «أرى»، و «لما» بمعنى «إلاَّ».

  وأما قراءة النحويين بتشديد النون وتخفيف الميم وقراءة الحرميين بتخفيفيهما فـ «إنّ» في الأولى على أصلها من التشديد ووجوب الإعمال، وفي الثانية مخففة من الثقيلة، وأعلمت على أحد الوجهين، واللام من «لما» فيهما لام الابتداء، وقيل: أو


  صراحة. قوله: (وفي تقديره) أي: منفي لما بقوله يهملوا أو يتركوا. قوله: (لما يوفوا أعمالهم) أي: لم يوفوا جزاء أعمالهم. قوله: (والثاني أن منفي لما متوقع الثبوت الخ) قال الدماميني: لا نسلم أن منفي لما متوقع الثبوت دائماً حتى يتم هذا بل قد تكون متوقعاً نحو ندم إبليس ولما ينفعه الندم فإفادتها التوقع غالب لا لازم سلمنا أن توقع الثبوت في منفيها لازم، فلا نسلم أن ما قدره ابن الحاجب غير متوقع الثبوت، فإن الكفار يتوقعونه ولذلك كانوا يسترسلون في الأفعال القبيحة، ولا يبالون بارتكاب المناهي ظناً؛ لأن يتركوا سدى وأن الأعمال المأمور بها غير نافعة، وأن المنهي عنها غير ضارة ويقولون إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيي وما نحن بمبعوثين فهم متوقعون للإهمال برأيهم الفاسد، ولا يشترط في توقع الثبوت ان يكون من المتكلم، بل قد ينفي المتكلم شيئاً بلما بناءً على أن غيره متوقع لثبوته كما أن قد لا يلزم في إفادتها للتوقع كون المتكلم بها هو الذي يتوقع، بل تفيد التوقع، وإن كان غير المتكلم هو المتوقع كما يقول المؤذن قد قامت الصلاة لقوم ينتظرون ويتوقعون قيامها. قوله: (متوقع الثبوت) أي: غالباً والقرآن لا يخرج إلا على الأغلب. قوله: (فتحتمل وجهين) أي: في إن وفيه انه استدل سابقاً على أعمال أن المخففة بقراءة أبي بكر هذه وقد طرق هنا فيها احتمال لين، والدليل إذا طرقه الاحتمال سقط به الاستدلال. قوله: (مخففة من الثقيلة) أي: وكلا اسمها فهي عاملة، وإن كان أعمالها قليلاً عند التخفيف. قوله: (تلك الأوجه) أي: الأربعة الثلاثة التي ضعفها والذي اختاره ابن الحاجب. قوله: (النحويين) في نسخة أبي عمرو والكسائي والأول من أهل البصرة، والثاني إمام نحاة الكوفة. قوله: (الحرميين) هما نافع مولى ابن عمرو وهو الفقيه شيخ الإمام مالك مدفون بجانب الإمام مالك والحرمي الثاني ابن كثير. قوله: (أعملت على أحد الوجهين) أي: