حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (لو) على خسمة أوجه:

صفحة 185 - الجزء 2

  أحدها: التوقع، وهو: تَرَجي المحبوب والإشفاق من المكروه، نحو: «لعل الحبيب قادم، ولعل الرقيب حاصل»، وتختص بالمُمكن، وقول فرعون: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ ٣٦ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ}⁣[غافر: ٣٦، ٣٧]، إنما قاله جَهْلاً أو مَخْرقةً وإفكاً.

  الثاني: التعليل أثبته جماعة منهم الأخفش والكسائي، وحملوا عليه: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}⁣[طه: ٤٤]، ومَنْ لم يثبت ذلك يحمله على الرجاء، ويصرفه للمخاطبين أي: اذهبا على رجائكما.

  الثالث: الاستفهام، أثبته الكوفيون، ولهذا عُلِّق بها الفعل في نحو: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}⁣[الطلاق: ١]، ونحو: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى}⁣[عبس: ٣]. قال الزمخشري: وقد أشربها معنى «ليت» مَنْ قرأ {فأطلِعَ}⁣[غافر: ٣٧] اهـ؛ وفي الآية بحث سيجيء.


  واختلف في العين في تلك اللغات الثلاثة فقيل بدل من المهملة؛ وقيل: ليست بدلاً منها الأظهر لقلة وجود الغين بدلاً من العين. قوله: (ترجى المحبوب) أي: انتظار وقوع الأمر المحبوب وقوله: الإشفاق، أي: الخوف من وقوع الأمر المكروه، فالتوقع شامل لاثنين. قوله: (لعل الحبيب يقدم) أي: فقدوم الحبيب أمر محبوب منتظر وقوله: لعل الرقيب حاصل أي: سيحصل أي: أخاف من حصول الرقيب. قوله: (وتختص) أي: فعل بالممكن أي العادي قوله: (إنما قاله جهلاً) أي: يكون بلوغ أسباب السموات، أي: طرقها وأبوابها الموصلة لها غير ممكن بأن اعتقد أنه ممكن فاستعمل فيه لعل أي: مرادفها من لغته إذ هو ليس عربياً، وإنما الواقع منه ألفاظ حكيت لنا بمرادفاتها. قوله: (أو مخرقة) أي: أو قاله مخرقة، أي: إنه يعرف أن ذلك غير ممكن في الواقع لكنه ترجاه تعنتاً وعناداً وأظهر أنه ممكن بالكذب المخالف للواقع. قوله: (وإفكا) مرادف لمخرقة والمخرقة بالقاف والمراد بالمخرقة والإفك الكذب مأخوذة من اختراق والاختلاق وهو الكذب كذا في «القاموس» وفي «الصحاح» الاختراق كلمة مولدة. قوله: (لعل يتذكر) أي: لأجل أن يتذكر قوله: (المخاطبين) تثنية مخاطب وهو موسى وهرون. قوله: (إذهبا على رجائكما) أي: اذهبا حال كونكما مترجيين تذكره أي منتظرين تذكره فالترجي هو الانتظار والانتظار لتذكره ممكن عادة قوله: (لا تدري لعل الله) لا نافية وتدري فعل مضارع، وقوله: لعل حرف استفهام والله اسمها ويحدث خبرها، والجملة سادة مسد مفعولي تدري وإنما لم يتعد تدري للمفعولين لتعلقه عن العمل بأداة الاستفهام، أي: لعل. قوله: (وقد أشر بها) أي: بدليل نصب الفعل بعدها بعد الفاء وقوله: معنى ليت، أي: وهو التمني، وهذا بناءً على أن الترجي لا ينصب الفعل بعده بعد الفاء أو الواو وأما على نصبه بعده فلا إشراب أصلاً قوله: (وفي الآية) وهي لعلي أبلغ الأسباب إلى آخرها. قوله: (بحث سيجيء) أي: في الباب الرابع والثامن.