الثالث: أن تكون نكرة مضمنة معنى الحرف
  والثالث: قولهم إذا أرادوا المبالغة في الإخبار عن أحد بالإكثار من فعل كالكتابة: «إِنَّ زَيْداً ممَّا أَنْ يَكْتب» أي: أنه من أمر كتابة أي: أنه مخلوق من أمر، وذلك الأمر هو الكتابة، فـ «ما» بمعنى شيء، و «أن» وصلتها في موضع خفض بدل منها، والمعنى بمنزلته في: {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ}[الأنبياء: ٣٧] جعل لكثرة عجلته كأنه خُلق منها. وزعم السيرافي وابن خروف وتبعهما ابن مالك ونقله عن سيبويه أنها معرفة تامة بمعنى الشيء أو الأمر، و «أن» وصلتها مبتدأ، والظرف خبره، والجملة خبر لـ «إنّ»، ولا يتحصل للكلام معنى طائل على هذا التقدير.
  الثالث: أن تكون نكرة مضمنة معنى الحرف، وهي نوعان:
  أحدها: الاستفهامية، ومعناها أي شيء، نحو: {مَا هِيَ}[البقرة: ٧٠]، {مَا لَوْنُهَا}[البقرة: ٦٩]، {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ}[طه: ١٧]، {قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ}[يونس: ٨١]، وذلك على قراءة أبي عمرو {السحر} بمد الألف. فـ «ما»: مبتدأ، والجملة بعدها خبر، و «السحر»: إما بدل من «ما»، ولهذا قُرن بالاستفهام، وكأنه قيل: السحر جئتم به وإما بتقدير: أهو السحر، أو السحر هو؛ وأما من قرأ
  قوله: (مما أن يكتب) من حرف جر وما نكرة تامة بمعنى شيء في محل جر وأن وصلتها في موضع جر بدل منها قوله: (والمعنى) كانه قال والحاصل أن الكلام هنا بمنزلته في قوله خلق الخ. قوله: (بمنزلته) أي: في كون الكلام في كل مبنياً على المبالغة. قوله: (كأنه خلق منها) أي: وكذلك هنا جعل لكثرة كتابته كأنه خلق منها. قوله: (ولا يحصل) وفي نسخة ولا يتحصل أي: لأن المعنى حينئذ ان زيد الكتابة مخلوقة وناشئة من الشيء فقد خلا الخبر من الضمير على أنه لا معنى لهذا الكلام، وقد يجاب بأن أل عوض عن الضمير أي كتابته والمراد من الشيء التام الكثير بقرينة السياق فصح الكلام. قوله: (طائل) من الطول وهو النفع أي: نافع قوله: (والثالث) أي: من أوجه ما الاسمية. قوله: (ما هي) ما اسم استفهام مبتدأ وهي ولونها خبر إن قوله: (وما تلك) ما مبتدأ وت اسم إشارة خبر واللام للبعد والكاف حرف خطاب وبيمينك حال أي: أشير لها حال كونها في يمينك. قوله: (وذلك) أي: جعلها استفهامية في هذه الآية على قراءة الخ. قوله: (وذلك على قراءة أبي عمرو) أي: بناء على الظاهر وإلا فيصح جعلها موصولة مبتدأ والسحر بتقدير خبر أو مبتدأ والجملة خبرها بناءً على صحة الإخبار بالإنشاء، فالتقدير على الأول الذي جئتم به مقول فيه السحر هو وعلى الثاني الذي جئتم به أهو السحر اهـ تقرير شيخنا دردير. قوله: (والجملة) أي: جئتم. قوله: (وكأنه قيل الخ) تفسير للكلام بجملته لأن السحر بدل قوله: (بتقدير أهو السحر الخ) أي: فالسحر إما خبر أو مبتدأ والخبر محذوف والجملة استئنافية وما على كل حال استفهامية. قوله: (وأما من قرأ السحر على