فأما أوجه الاسمية
  وعلة حذف الألف الفرق بين الاستفهام والخبر؛ فلهذا حذفت في نحو: {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا ٤٣}[النازعات: ٤٣]، {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ ٣٥}[النمل: ٣٥]، {لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ}[الصف: ٢]، وثبتت في {لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[النور: ١٤]، {يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ}[البقرة: ٤]، {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}[ص: ٧٥]، وكما لا تحذف الألف في الخبر لا تثبت في الاستفهام، وأما قراءة عكرمة وعيسى {عَمَّا يَتَسَاءَلُونَ}[النبأ: ١] فنادر، وأما قول حسان [من الوافر]:
  ٤٩٥ - عَلَى مَا قَامَ يَشْتُمني لَئِيمٌ ... كَخِنْزِير تَمَرَّغَ فِي دَمَانِ
  فضرورة، والدمان كالرماد وزناً ومعنى، ويُروى «في رماد» فلذلك رجحته على
  أي: أخرتني والهموم والأحزان والطروق المجيء ليلاً وإنما جعل الهموم طارقات لأنها أكثر ما تعتري الإنسان في الليل حيث يجتمع فكره ويخلو فيتذكر ما هو فيه من الأحوال الموجعة والمصائب المؤلمة وقوله: وذكر جمع ذكره قال في «الخلاصة» ولفعلة فعل وهي الفكرة وزناً ومعنى قوله: (طارقات) وفي نسخة طالقات. قوله: (الفرق) أي: من أول الأمر. قوله: (فيم أنت من ذكراها) مثل لجر ما الاستفهامية بثلاثة أمثلة فهي في الأول مجرورة بفي وفي الثاني بالباء وفي الثالث باللام قوله: (ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي) مثل لجر ما الخبرية بثلاثة أمثلة مجرورة بفي وبالباء وباللام. قوله: (وكما لا تحذف) المناسب التفريغ بالفاء على ما سبق. قوله: (عكرمة) هو أبو عبد الله مولى ابن عباس واصل العكرمة أنثى الحمام فلعل هذا العلم منقول عنه اهـ دماميني. قوله: (وعيسى) أي: ابن عمر الأسدي المقري الكوفي يعرف بالهمداني لا الثقفي النحوي البصري الذي هو من أئمة القراء أيضاً قوله: (يشتمني) أي: يسبني وبابه ضرب ونصر وحينئذ ففي عينه الضم والكسر والخنزير معروف محرم الأكل وتمرغ تمعك. قوله: (فلذلك) أي: لهذه
= اللغة: الطارق الزائر ليلاً، ويقصد هنا الهموم خلفتني خذلتني وتركتني لأعدائي. الذكر: جمع «ذكرة» وهي ضد النسيان.
المعنى: يلوم أبا الأسود لأنه تركه للهموم والذكريات التي لا تسمح له بالنوم.
٤٩٥ - التخريج: البيت لحسّان بن ثابت في (ديوانه ص ٣٢٤؛ والأزهية ص ٨٦؛ وخزانة الأدب ٥/ ١٣٠، ٦/ ٩٩، ١٠١، ١٠٢، ١٠٤؛ والدرر ٦/ ٣١٤؛ وشرح التصريح ٢/ ٣٤٥؛ وشرح شواهد الشافية ص ٢٢٤؛ ولسان العرب ١٢/ ٤٩٧ (قوم)؛ والمحتسب ٢/ ٣٤٧؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٥٥٤؛ ولحسان بن منذر في شرح شواهد الإيضاح ٢٧١؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٧٠٩؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص ٤٠٤؛ وشرح الأشموني ٣/ ٧٥٨؛ وشرح شافية ابن الحاجب ٢/ ٢٩٧؛ وشرح المفصل ٤/ ٩؛ وهمع الهوامع ٢/ ٢١٧).
اللغة: الدمان: الرماد.
المعنى: على أي شيء يشتمني هذا الدنيء القبيح كخنزير تلطخ بالطين الآسن والرماد.