حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

فصل

صفحة 213 - الجزء 2

  فـ «ما» مبتدأ، بدليل إبداله المرفوع منها، و «ذا»: موصول، بدليل افتقاره للجملة بعده، وهو أرجح الوجهين في: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ}⁣[البقرة: ٢١٩] فيمن رفع «العفو»، أي: الذي ينفقونه العفو، إذ الأصل أن تُجاب الاسمية بالاسمية والفعلية بالفعلية.

  الثالث: أن يكون «ماذا» كلُّه استفهاماً على التركيب كقولك: «لماذا جئت؟»، وقوله [من البسيط]:

  ٤٩٨ - يا خُزْرَ تَغْلِبَ ماذا بَالُ نِسْوتكم ... لا يسحتَفِقْنِ إِلَى الدَّيْرَيْنِ تَحْنَانَا؟


  والتواني بدل أو عطف بيان أي: أي شيء هذا التواني وجعل هذا التركيب غير ما ذكره يحوج لتقدير؛ لأنه إذا جعل ماذا كلها استفهاماً احتيج لتقدير مبتدأ، أي: أي شيء هو التواني والجملة خبر ماذا وإن جعلت ذا موصولة احتيج لتقدير حذف صدر الصلة وحذف صدرها عند عدم الطول شاذ قوله: (فما مبتدأ) أي: اسم استفهام مبتدأ وظاهره أن هذا الإعراب متعين في كلام لبيد وليس كذلك بل يجوز أن يكون ماذا كله اسم استفهام مبتدأ وجملة يحاول خبر والتقدير أي شيء يحاوله فيكون عائد المبتدأ محذوفاً من الخبر، وقوله: أنحب يحتمل أنه بدل من المبتدأ ويحتمل أن يكون خبر المحذوف، أي: أهو، أي: المحاولة نحب ولكن هذا خلاف المتبادر ويحتمل أيضاً أن يكون ماذا كلها اسم استفهام في محل نصب على أنه مفعول يحاول ولا ضمير محذوف ولا يقال يبطل رفع البدل؛ لأنا نقول نحب حينئذ ليس بدلاً بل خبر مبتدأ محذوف. قوله: (إبداله المرفوع) أعني قوله أنحب قوله: (وهو) أي: جعل ما استفهامية مبتدأ وذا اسم موصول خبر هو أرجح وقوله: أرجح الوجهين والثاني أن ماذا مفعول مقدم لينفقون. قوله: (ويسألونك ماذا ينفقون) أي: أي شيء الذي ينفقونه فالعائد محذوف وقوله: أي الذي ينفقونه تفسير للجواب الذي يقال لهم وعلم منه أن العفو خبر لمبتدأ محذوف. قوله: (إذ الأصل) أي: الكثير وإنما كان هذا الوجه أرجح الوجهين لموافقة الجواب للسؤال في أن كلا منهما جملة اسمية؛ لأن الأصل الخ، وأما على الوجه الأخير فيلزم على هذه القراءة إجابة السؤال بالفعلية بالجملة الاسمية وهو خلاف الأصل. قوله: (لماذا جئت) أي: فاللام حرف جر وماذا اسم استفهام في موضع جر والجار والمجرور متعلق بجئت وإنما تعين التركيب في هذا المثال لثبوت الألف مع دخول الجار عليها لولا التركيب لوجب حذف الألف. قوله: (يا خرز) بضم الخاء المعجمة وإسكان الراء المهملة جمع أخرز وهو الضعيف العين


٤٩٨ - التخريج: البيت لجرير في (ديوانه ص ١٦٧؛ والجنى الداني ص ٢٤٠؛ والدرر ١/ ٢٧٠؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٧٨١؛ وبلا نسبة في همع الهوامع ١/ ٨٤).

اللغة: الأخزر صغير العين ضيقها البال: الشأن.

المعنى: أيها الأعاجم المنسوبون إلى تغلب ما حال نسوتكم لا يستطعن النهوض ... ؟!