حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

فصل

صفحة 214 - الجزء 2

  وهو أرجح الوجهين في الآية في قراءة غير أبي عمرو {قُلِ الْعَفْوَ}⁣[البقرة: ٢١٩] بالنصب، أي: يُنفقون العفو.

  الرابع: أن يكون «ماذا» كله اسم جنس بمعنى شيء، أو موصولاً بمعنى «الذي»، على خلاف في تخريج قول الشاعر [من الوافر]:

  ٤٩٩ - دَعِي مَاذَا عَلِمْتِ سَأَتْقِيهِ ... وَلكنْ بِالْمُغَيَّب نبئيني


  لصغرها تغلب بكسر اللام قبيلة من العرب سميت باسم أبيها تغلب بن وائل، والبال الحال يقال: ما بالك أي: ما حالك وتمام البيت:

  لا يستفقن إلى الديرين تحنانا

  يستفقن مأخوذ من استفاق من سكره بمعنى فاق منه، وصحا والديرين تثنية دير وهو خان النصارى والتحنان الشوق وهو منصوب على إنه مفعول لأجله وإلى الديرين متعلق بتحنان المذكور إن جوزنا تقديم معمول المصدر عليه إذا كان ظرفاً أو بمثله محذوفاً إن معناه، ثم إن جعل ماذا في هذا البيت اسماً مركباً غير متعين لجواز أن تكون ما استفهامية وذا موصولاً وصدر الصلة محذوف أي ما الذي هو حال شريكم، وقوله لا يستفقن استئناف بياني كأنه قيل لم استفهم عن حالهن فقال لا يستفقن ويجوز أن يكون حالاً منهن، والعامل ما تضمنه الكلام من معنى الإنكار أي أنكر حالهن في هذه الحالة وجاز وقوع الحال المضاف إليه لأن المضاف كجزئه فكأنه غير مذكور، والمعنى أي شيء اتفق لنسوتكم في حال كونهن لا يستفقن قوله: (وهو أرجح الوجهين) أي: كون ماذا كله استفهاماً على أنه مفعول مقدم لقوله ينفقون أرجح الوجهين، وثانيهما جعل ما استفهامية مبتدأ وذا موصولة خبر ووجه ترجيح الأول على الثاني موافقة الجواب للسؤال في الفعلية بخلاف الوجه الثاني فإنه يلزم عليه كون الجواب جملة فعلية، والسؤال جملة اسمية وهذا خلاف الأصل كما تقدم للشارح والحاصل أن ماذا في الآية يحتمل أن تكون كلها استفهامية، وأن تكون استفهامية وذا موصولة والاحتمال الأول أرجح على قراءة النصب والثاني أرجح على قراءة الرفع. قوله: (اسم جنس) أي: اسم دال على جنس ولا شك أن شيئاً جنس أي تحته أنواع وليس المراد اسم الجنس الاصطلاحي. قوله: (أو موصولاً)


٤٩٩ - التخريج: البيت للمثقب العبدي في (ديوانه ص ٢١٣؛ وخزانة الأدب ٧/ ٤٨٩، ١١/ ٨٠؛ وشرح شواهد المغني ص ١٩١؛ ولسحيم بن وثيل الرياحي في المقاصد النحوية ١/ ١٩٢؛ ولأبي حية النميري في لسان العرب ١٤/ ١٢ (أبي)؛ ولمزرد بن ضرار في ديوانه ص ٦٨؛ وبلا نسبة في الجنى الداني ٢٤١؛ والدرر ١/ ٢٧١؛ والكتاب ٢/ ٤١٨؛ ولسان العرب ١٥/ ٤٦١ (ذوا)).

اللغة: أتقي: أحذر وأتجنب. المغيب: ما غاب.

المعنى: تناسي كل ما أغضبك مني سابقاً، لأنه كان مقضياً أو لجهلي به، وأخبريني من الآن. عما تكرهينه، فأبتعد عنه.