وأما أوجه الحرفية
  كقوله [من الطويل]:
  وَرَجُ الفتى للْخَيْرِ ما إن رأيْتَهُ ... عَلَى السِّنْ خَيْراً لا يَزالُ يَزِيدُ
  وبعد فالأولى في البيت تقديرُ «ما» نافية، لأن زيادة «إنْ» حينئذ قياسية، ولأن فيه سلامة من الإخبار بالزمان عن الجثة، ومن إثبات معنى واستعمال لـ «ما» لم يثبتا له - وهما كونها للزمان، مجرّدة وكونها مضافة - وكأن الذي صَرَفهما عن هذا الوجه مع ظهوره أن ذكر «المُرْدِ» بعد ذلك لا يحسن؛ إذ الذي لم ينبت شاربه أمرَدُ، والبيت عندي فاسد التقسيم بغير هذا، ألا ترى أن العانسين - وهم الذين لم يتزوجوا - لا يناسبون بقية الأقسام، وإنما العرب مَحمِيون من الخطأ في الألفاظ دون المعاني. -
  (كقوله) ظاهره أن هذا مثال لزيادة إن بعد ما النافية وليس كذلك بل ما في هذا البيت مصدرية أي ترج الخير للفتى مدة رؤيته لا يزال يزيد خيراً مع سنه وكبره.
  قوله: (فالأولى في البيت) أي: وهو قوله منا الذي ما إن طر شاربه الخ. قوله: (لأن زيادة أن حينئذ) أي: حين إذ كانت ما نافية قياسية أي وأما زيادتها بعد ما المصدرية فهو غير قياسي. قوله: (عن الجثة) أي: مدلول ضمير هو العائد على الذي. قوله: (لما) أي: للفظ ما وقوله لم يثبتا أي هذان الأمران أعني الإثبات والاستعمال له أي لذلك اللفظ. قوله: (كونها للزمان) راجع للمعنى قوله: (وكونها مضافة) راجع للاستعمال وإطلاق الاستعمال على الكون فيه تسمح أي استعمالها للزمان واستعمالها مضافة. قوله: (عن هذا الوجه) أي: وجه كونها نافية قوله: (لا يحسن) أي: لما فيه التناقض حيث نفى أولاً أن يكون فيهم أمرد ثم ذكر إنه فيهم. قوله: (بعد ذلك) أي: بعد قوله طر شاربه. قوله: (لم ينبت شاربه أمرد) قد يقال إن الأمر أعم من الذي لم ينبت شاربه لأن الأمرد هو الذي لم ينبت له لحية نبت شاربه أو لا. قوله: (لم يتزوجوا) أي: وقد طال مكثهم وخرجوا عن الحد في المكث.
  قوله: (لا يناسبون بقية الأقسام) أي: لا يناسبونها في التقسيم أي لا يقابلونها وذلك لأن العانس يشمل الأمرد، والشائب فهو أعم منهما والأقسام الحقيقية يجب تباينها ولا مباينة بين العام والخاص. قوله: (يناسبون بقية الأقسام) قد يجاب بأن الأصل ومنا العانسون والمتزوجون ولكن حذفه للعلم به لأن الغالب على الشخص التزويج أو يقال إنه لم يذكر العانسون من حيث كونهم غير متزوجين، وإنما ذكروا من حيث ما يقتضيه العانس من طول المدة التي يخرج بها عن كونه أمرد وعن كونه بحداثة نبات شاربه، وذلك لأن العانس هو الذي طالت إقامته بدون تزويج حتى خرج عن أمثال من تزوج في الغالب ولا شك إنه بهذا الاعتبار قسيم لمن طر شاربه، ولمن هو أمرد ولا يقال إنه ليس قسيماً للأشيب وقد ذكر في البيت فيفسد التقسيم لصدق العانس عليه لأنا نقدر مع الشيب صفة يكون باعتبارها قسيماً أي والشيب غير العانس اهـ دماميني. قوله: (وإنما العرب الخ)