حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

وهذا فصل عقدته للتدريب في «ما»

صفحة 247 - الجزء 2

  وصَعِدُوا بها الجبال ورفعوا أصواتهم بالدعاء قال [من البسيط]:

  ٥٢٣ - أجَاعِلْ أَنْتَ بَيْقُوراً مُسَلَّعَةً ... ذَرِيعَةٌ لَكَ بَيْنَ اللَّهِ وَالْمَطَرِ

  ومعنى «عالت البيقورا» أن السنة أثْقَلَتِ البقر بما حَمَّلَتْهَا مِن السَّلَع والعُشَر.

وهذا فصل عقدته للتدريب في «ما»

  قوله تعالى: {مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ ٢}⁣[المسد: ٢] تحتمل «ما» الأولى النافية، أي: لم يُغْنِ والاستفهامية فتكون مفعولاً مطلقاً، والتقدير أي إغناء أغنى عنه ماله، ويضعف كونه مبتدأ بحذف المفعول المضمر حينئذ، إذ تقديره: أَيُّ إِغْنَاء أَغْنَاهُ عنه ماله. وهو نظير «زيد ضَرَبْتُ» إلا أن الهاء المحذوفة في الآية مفعول مطلق، وفي المثال مفعول به. وأما «ما» الثانية فموصول اسمي أو حرفي، أي: والذي كسبه، لزِمَ التكرار لتقدم ذكر المال، ويُجاب بأنه يجوز أن يراد به الوَلَدُ؛ ففي الحديث: «أَحَقُّ ما أكلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ وَإِنَّ وَلدَهُ مِن كَسْبِه»؛ والآية حينئذٍ نظيرُ {لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ


  (ورفعوا أصواتهم بالدعاء) أي: وحينئذ فيجابوا لوقتهم. قوله: (قال) أي: الشاعر ومراده بهذا أن الحكاية التي ذكرها لها أصل قوله: (أجاعل) استفهام إنكاري. قوله: (حملتها) أي: كلفتها. قوله: (للتدريب) أي: لأنه إذا رأى أن ما لها معان ويصح الكلام على هذا المعنى وعلى هذا المعنى تصرف في كل ما رآه من ما قوله: أي لم يغن) أي: لم ينفعه ماله فالمراد بالإغناء النفع.

  قوله: (والاستفهامية) أي: استفهاماً إنكارياً. قوله: (أي إغناء أغنى) أي: مفعول مطلق لأغنى أي أي نفع نفعه ماله أي أنه لم ينفعه شيئاً قوله: (ويضعف الخ) وجه الضعف أن حذف العائد في الخبر قليل بخلاف حذفه في الصلة والصفة، وقوله كونه أي كون ما الاستفهامية في محل رفع مبتدأ قوله: (وهو نظير زيد ضربت) أي: حذف رابط الجملة الخبرية بالمبتدأ وقوله زيد ضربت أي فزيد مبتدأ وضربت أي ضربته. قوله: (مفعول مطلق) أي: لأنها عائدة على المصدر وهو الإغناء قوله: (لزم التكرار) أي: لأنه يصير المعنى ما أغنى عنه ماله ما أغنى عنه ماله لأن الذي كسبه هو المال. قوله: (ويجاب الخ) أو يجاب بأن المراد بالمال رأس المال وبما كسب الأرباح أو يراد بالمال الماشية وبما كسب نسلها ومنافعها قوله أن يراد به أي بالذي كسبه قوله: (ففي الحديث الخ) هذا سند في أن الولد يقال له كسب قوله: (والآية حينئذ) أي: حين إذ فسر الذي كسبه بالولد، وقوله نظير أي من حيث إنه ذكر المال أولاً ثم ذكر بعده الولد. قوله:


٥٢٣ - التخريج: ليس في هذا البيت أي شاهد نحوي، وقد ساقه المؤلف في معرض تفسيره للبيت السابق.