حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

وهذا فصل عقدته للتدريب في «ما»

صفحة 250 - الجزء 2

  النصب بننسخ وانتصابها إما على أنها مفعول به مثل {أَيًّا مَا تَدْعُوا}⁣[الإسراء: ١١٠] فالتقدير: أي شيء ننسخ، لا أي آية ننسخ؛ لأن ذلك لا يجتمع مع {مِنْ آيَةٍ}⁣[البقرة: ١٠٦] وإما على أنها مفعول مطلق؛ فالتَّقدير: أي نَسْخ نَنْسَخ، فـ «آية» مفعول «ننسخ»، و «من» زائدة، ورَدَّ هذا أبو البقاء بأن «ما» المصدرية لا تعمل، وهذا سهو منه، فإنه نفسه نقل عن صاحب هذا الوجه أن ما مصدر بمعنى أنها مفعول مطلق، ولم ينقل عنه أنها مصدرية.

  وأما قوله تعالى: {مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ}⁣[الأنعام: ٦] فـ «ما» محتملة للموصوفة أي شيئاً لم نمكنه لكم، فحذف العائد وللمصدرية الظرفية، أي أن مدة تمكنهم أطول، وانتصابها في الأول على المصدر، وقيل على المفعول به على تضمين «مكنا» «أعطينا»، وفيه تكلف.


  التقدير أي آية ننسخ وقوله لأن ذلك أي التقدير وقوله لا يجتمع مع من آية أي لأن الشيء يبين بنفسه فيجب إيقاع ما على الشيء العام ليكون البيان مفيداً هذا، وقد أجاز بعضهم تبيين الشيء بنفسه دفعاً لتوهم قصره على بعض أفراده. قوله: (لا يجتمع من آية) أي: لأن الشيء يبين بنفسه فيجب إيقاع ما على الشيء العام ليكون البيان مفيداً نعم قال بعضهم يبين الشيء بنفسه دفعاً لتوهم قصره على بعض أفراده وجعل منه قوله مهما يكن من شيء. قوله: (ومن زائدة) زيادة من في الإثبات ليست سهلة خصوصاً في أفصح الكلام والمعنى على هذا أي نسخ ننسخ آية قوله: (ورد الخ) اعترض على المصنف بأن الذي قاله أبو البقاء في إعرابه في قوله ما ننسخ الخ، قيل ما هنا مصدرية وآية مفعول به والتقدير أي نسخ ننسخ آية وليس فيه رد لهذا القول ولا نقل عن صاحبه إن ما هنا مصدرية بل فيه إنها مصدرية لعل المؤلف وقف له على كلام في غير هذا الموضع اهـ شمني.

  قوله: (بأن ما المصدرية لا تعمل) أي: وهي هنا مصدرية وهي قد عملت الجزم لأنها شرطية والحاصل إن ما هنا شرطية محلها، نصب واختلف في ذلك النصب هل على المفعول به أو المفعول المطلق فلزم عليه أنها مصدرية وعاملة قوله: (للموصوفة) أي: للنكرة الموصوفة. قوله: (فحذف العائد) أي: على ما الموصوفة. قوله: (أي إن مدة تمكنهم أطول) هذا بيان لحاصل المعنى إذ المعنى مكناهم في الأرض مدة عدم تمكينكم أي وإذا كانوا ممكنين في حال عدم تمكين المخاطبين يلزم أن يكون مدة تمكنهم أطول. قوله: (وانتصابها في الأول على المصدر) أي: فالمراد بشيء الممكن به. قوله: (على تضمين مكنا الخ) أي: لأن مكنا لا يتعدى وقوله معنى أعطينا أي فالمراد بالشيء الأمر المعطى. قوله: (وفيه تكلف) لعل وجهه أن فيه مخالفة الأصل مرتين بحذف العائد والتضمين ولا يخفى أن ما في هذه الآية تحتمل الموصولة الاسمية أي التمكين الذي لم نمكنه لكم فانظر لم سكت عنه.