· (من): تأتي على خمسة عشر وجها:
  وقد يقال: ولو كانت للمجاوزة لصح في موضعها «عَنْ».
  السابع: مرادفة الباء، نحو: {يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ}[الشورى: ٤٥] قاله يونس، والظاهر أنها للابتداء.
  الثامن: مرادفة «في»، نحو: {أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ}[فاطر: ٤٠]، {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ}[الجمعة: ٩]، والظاهر أنها في الأولى لبيان الجنس مثلها في {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ}[البقرة: ١٠٦].
  التاسع: موافقة «عند»، نحو: {لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا}[آل عمران: ١٠] قاله أبو عبيدة، وقد مضى القول بأنها في ذلك للبدل.
  العاشر: مرادفة «ربَّما»، وذلك إذا اتصلت بـ «ما» كقوله [من الطويل]:
  وَإِنَّا لَمِمَّا نَضْرِبُ الْكَبْشَ ضَرْبَةً ... عَلَى رَأْسِهِ تُلْقِي اللسان مِنَ الْفَمِ
  قاله السيرافي وابن خروف وابن طاهر والأعلم، وخَرَّجوا عليه قول سيبويه: وأعلم أنهم مما يحذفون كذا والظاهر أن «مِنْ» فيهما ابتدائيَّة و «ما» مصدرية، وأنهم
  سيبويه ظاهر أي إن الفضل ملحوظ ابتداؤه من زيد وانتهاؤه إلى عمرو فإلى واقعة بعد من في المعنى وهذا يكفي في كون من ابتدائية ولا يشترط التصريح بها بالفعل في التركيب كما لاحظه المعترض وقوله: إذ لا يقع رد لما قاله سيبويه وقوله ولو كانت الخ هذا رد على ابن مالك.
  قوله: (أنها للابتداء) أي نظراً ناشئاً من طرف والحق إنه إن لوحظ أن آلة النظر الطرف كانت للتعدية فتكون مرادفة للباء، وإن لوحظ أن الطرف وقع ابتداء النظر منه كانت للابتداء لا بمعنى الباء فهما معنيان متغايران موكولان إلى إرادة المستعمل. قوله: (أروني ماذا خلقوا من الأرض) أول الآية: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ}[الأحقاف: ٤] أي أخبروني عن الأصنام التي تبعدونها من دون الله فما تدعون مفعول أول وقوله بعد أروني أي أخبروني تأكيد قوله ماذا خلقوا من الأرض مفعول ثان أي أخبروني عن الأصنام التي تعبدونها من دون الله هل خلقت شيئاً في الأرض. قوله: (إنها لبيان الجنس) أي: فالمعنى أروني أي أخبروني أي شيء خلقوه الذي هو الأرض أي أخبروني هل خلقوا الأرض أم لهم مشاركة مع الله في خلق السموات والأرض. قوله: (لن تغني عنهم أموالهم الخ) أي: لا نفعهم أموالهم ولا أولادهم عند الله شيئاً من النفع قوله: (للبدل) أي: والمعنى لا تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم بدل طاعة الله أو رحمته.
  قوله: (إذا اتصلت) أي: من بما قوله: (لمما نضرب) أي: لربما نضرب. قوله: (وأعلم إنهم مما يحذفون كذا) الأظهر إن مما خبر مقدم وكذا مبتدأ مؤخر والجملة خبر إن أي وأعلم أنهم كذا مما يحذفونه قوله: (إن من فيها) أي في البيت وفي قول سيبويه.