· (من): تأتي على خمسة عشر وجها:
  جُعِلُوا كأنهم خلقوا من الضرب والحذف مثل {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ}[الأنبياء: ٣٧].
  الحادي عشر: مرادفة «على»، نحو: {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ}[الأنبياء: ٧٧]، وقيل: على التضمين، أي: منعناه منهم بالنصر.
  الثاني عشر: الفصل، وهي الداخلة على ثاني المتضادين، نحو: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ}[البقرة: ٢٢٠]، {حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}[آل عمران: ١٧٩] قاله ابن مالك، وفيه نظر؛ لأن الفصل مستفاد من العامل فإِنَّ «مَازَ» و «مَيَّز» بمعنى «فَصَلَ»، والعلم صفةٌ توجب التَّمييز، والظاهر أنّ «من» في الآيتين للابتداء، أو بمعنى «عن».
  الثالث عشر: الغاية، قال سيبويه: «وتقول رأيتُه مِنْ ذلك الموضع» فجعلته غاية لرؤيتك، أي: محلاً للابتداء والانتهاء؛ قال: «وكذا أخذته من زيد»؛ وزعم ابن مالك أنها في هذه للمجاوزة، والظاهر عندي أنها للابتداء، لأن الأخذ ابتداء من عنده وانتهى إليك.
  الرابع عشر: التنصيص على العموم، وهي الزَّائدة في نحو: «ما جاءني مِنْ
  قوله: (ونصرناه من القوم) أي: لأن نصر يتعدى بعلى لا بمن. قوله: (وقيل على التضمين) أي: وقيل إنها في هذه الآية باقية على حالها على تضمين نصر معنى منع الذي يتعدى بمن. قوله: (بالنصر) أي: عليهم فلا يصلون إليه بسوء. قوله: (المتضادين) أي: في الجملة وتضادهما إنما هو بحسب الوصف. قوله: (والله يعلم المفسد الخ) أي: يميز من هذا ويفصله منه فيجازي كلاً منهما. قوله: (حتى يميز الخ) أول الآية ما كان الله ليذر أي ليترك المؤمنين على ما أنتم أيها الناس عليه من اختلاط المخلص في إيمانه بغيره حتى يميز أي يفصل الخبيث وهو المنافق من الطيب وهو المؤمن بالتكاليف الشاقة المبينة لذلك، وقد فعل ذلك أحد يوم وما كان الله ليطلعكم على الغيب لتعرفوا المنافق من غيره قبل التمييز. قوله: (والعلم صفة توجب التمييز) أي: فرجع الأمر للتمييز. قوله: (والظاهر الخ) أي: وخلاف الظاهر إنها للفصل وليس عنده قطع بكونه أي الأول باطلاً وإلا لقال والحق. قوله: (فجعلته) أي: الموضع غاية الخ. قوله: (أي محلاً للابتداء) هذا لا يناسب كونها للغاية وتحقيق الكلام أنك إذا أردت موضعك فمن للابتداء أو موضع الهلاك فللانتهاء ولعل المصنف لاحظ قول الحكماء إن الأشعة تبدو من الناظر ثم تنعكس إليه. قوله: (أي محلاً للابتداء) أي: فالمعنى رأيته رؤية مبتدأة من ذلك الموضع ومنتهية إليه. قوله: (وكذا أخذته من زيد) أي: أخذا منتهياً إلى زيد أي فغاية الأخذ ومبدؤه زيد ولكن هذا بعيد. قوله: (للمجاوزة) أي: أخذته أخذاً مجاوزاً لزيد ومنتهياً إلى قوله: (والظاهر عندي أنها) أي: في المثال الثاني. قوله: (التنصيص على العموم) أي: وهي الداخلة على