حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (من): تأتي على خمسة عشر وجها:

صفحة 264 - الجزء 2

  رَجُل» فإنه قبل دخولها يحتمل نفي الجنس ونفي الوَحْدة؛ ولهذا يصح أن يقال: «بل ذلك رجلان» ويمتنع بعد دخول «من».

  الخامس عشر: توكيد العُموم، وهي الزائدة في نحو: «ما جاءني من أحد، أو من دَيَّارِ» فإن «أحداً» و «دياراً» صيغتا عموم.

  وشرط زيادتها في النوعين ثلاثة أمور:

  أحدها: تقدّم نفي أو نهي أو استفهام بهل، نحو: {وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا}⁣[الأنعام: ٥٩]، {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ}⁣[الملك: ٣]، {فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ}⁣[الملك: ٣]، وتقول: «لا يَقُمْ مِنْ أَحَدٍ»، وزاد الفارسي الشرط، كقوله [من الطويل]:

  ٥٣١ - وَمَهُمَا تَكُنْ عِنْدَ امْرِاء منْ خَلِيقَةٍ ... وإِنْ خَالَهَا تَخْفَى عَلَى النَّاسِ تُعْلَمِ

  وسيأتي فصل «مهما».

  والثاني: تنكير مجرورها.

  والثالث: كونه فاعلاً، أو مفعولاً به، أو مبتدأ.


  المحتمل للعموم كما في رجل الواقع بعد النفي فهو محتمل للعموم لأنك إذا قلت ما جاءني رجل يحتمل أن المعنى ما جاءني أحد من هذا الجنس ويحتمل ما جاء رجل واحد بل رجلان قوله: (توكيد العموم) أي: وهي الداخلة على الموضوع للعموم والاستغراق كأحد وديار الواقعين بعد النفي قوله: (فإن أحداً ودياراً صيغتا عموم) أي: صيغتان دالتان على العموم إذا وقعتا بعد النفي قوله: (وما تسقط الخ) تقدم نفي وقوله فارجع البصر هل تري استفهام بهل وقوله لا يقم من أحد تقدم النهي قوله: (وزاد الفارسي الشرط) أي: تقدم الشرط عليها. قوله: (تكون) بالمثناة الفوقية لتأنيث الفاعل وبالتحتية للفصل بين الفعل والفاعل قوله: (تنكير مجرورها) أي: كونها نكرة قوله: (أو مبتدأ) أي: له مسوغ لما فرض إنه لا بد أن يكون نكرة.


٥٣١ - التخريج البيت لزهير بن أبي سلمى في (ديوانه ص ٣٢؛ والجنى الداني والدرر ٤/ ١٨٤، ٥؛ ٧٢ وشرح شواهد المغني ص ٣٨٦، ٧٣٨، ٧٤٣؛ ومغني اللبيب ص ٣٣٠؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني ٣/ ٥٧٩؛ وهمع الهوامع ٢/ ٣٥، ٥٨).

اللغة وشرح المفردات الخليقة: الطبيعة. خالها ظنّها.

المعنى: إذا كان عند امراء خصلة من الخصال وظنّ أنّها تخفى على الناس فإنها لا بد ستظهر عندهم وسيعرفونها.