حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

تنبيهات

صفحة 266 - الجزء 2

  قلت: وكذا لا حجة فيها لو كان «شيء» مفعولاً به، لأن المراد بالكتاب اللوح المحفوظ، كما في قوله تعالى: {وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ٥٩}⁣[الأنعام: ٥٩] وهو رأي الزمخشري، والسياق يقتضيه.

  الثالث: القياس أنها لا تُزاد في ثاني مفعولي «ظنَّ»، ولا ثالث مفعولات «أعْلَمَ»، لأنهما في الأصل خبر؛ وشدَّت قراءة بعضهم: {مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ}⁣[الفرقان: ١٨] ببناء «نتخذ» للمفعول؛ وحَمَلَها ابن مالك على شذوذ زيادة «من» في الحال، ويظهر لي فساده في المعنى؛ لأنَّك إذا قلت: «ما كان لك أن تتخذ زيداً في حالة كونه خاذلاً لك» فأنت مُثبت لخذلانِهِ ناه عن اتخاذه، وعلى هذا فيلزم أن الملائكة أثبتوا لأنفسهم الولاية.

  الرابع: أكثرهم أهملَ هذا الشرط الثالث؛ فيلزمهم زيادتها في الخبر، في نحو: «ما زيد قائماً»، والتمييز في نحو: «ما طَابَ زيد نفساً»، والحال في نحو: «ما جاء أحد راكباً»، وهم لا يُجيزون ذلك.

  وأما قول أبي البقاء في {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ}⁣[البقرة: ١٠٦]: إنه يجوز كون {آيَةٍ}


  قوله: (اللوح المحفوظ) أي: ما فرطنا في اللوح المحفوظ من الأشياء أي وأما القرآن فمسكوت عنه وهذه طريقة لبعض ولكن الحق أن القرآن مذكور فيه كل شيء لكن لا بالصراحة. قوله: (والسياق يقتضيه) أي: سياق الآية يقتضيه أي لأن قبله وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم أي في الآجال والأرزاق فالمراد بالكتاب كتاب الآجال والأرزاق وهو اللوح المحفوظ. قوله: (ولا ثالث مفعولات أعلم) أي: لأنها ليست مفعولاً بها. قوله: (أن نتخذ) أصلها يتخذ الناس ولا شك إنها تتعدى لمفعولين الأول الضمير أي نحن الذي هو نائب الفاعل وقوله من أولياء مفعول ثان لها قوله: (وحملها ابن مالك) حاصل كلام ابن مالك أن نتخذ من اتخذ المتعدي لواحد كما في قوله تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ}⁣[الشورى: ٩] فحينئذ يكون الضمير هو المفعول وقوله من أولياء حال أي ما كان ينبغي لنا أن نتخذ حال كوننا أولياء من دونك. قوله: (ناه) أي: لأن قولك ما كان ينبغي الخ نهي في المعنى فالمنهي عنه انبغاء الاتخاذ قوله: (أكثرهم الخ) منهم ابن مالك في الألفية حيث قال:

  وزيد في نفي وشبهه فجر ... نكرة كما لباغ من مفرّ

  قوله: (أهمل الشرط الثالث) أي: فلم يشترط كون المجرور فاعلاً أو مفعولاً أو مبتدأ، واشترط تقدم النفي وشبهه وكون المجرور نكرة قوله: (فيلزمهم زيادتها) أي: صحة زيادتها وهذا الاعتراض عليهم حيث أهملوا الشرط فاللزوم من حيث الإطلاق. قوله: (كون آية حالاً) أي: أي شيء ننسخ حال كونه آية ومعنى آية قليلاً أو كثيراً فقول