حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

تنبيهات

صفحة 267 - الجزء 2

  حالاً و {مِنْ} زائدة كما جاءت آية حالاً في {هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً}⁣[الأعراف: ٧٣] والمعنى: أي شيء ننسخ قليلاً أو كثيراً؛ ففيه تخريج التنزيل على شيء إن ثَبَتَ فهو شاذ، أعني زيادة «من» في الحال، وتقدير ما ليس بمشتق ولا منتقل ولا يظهر فيه معنى الحال حالاً، والتنظير بما لا يناسب؛ فإن {آيَةً} في {هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً}⁣[الأعراف: ٧٣] بمعنى علامة لا واحدة، الآي، وتفسير اللفظ بما لا يحتمله، وهو قوله قليلاً أو كثيراً، وإنما ذلك مستفاد من اسم الشرط لعمومه لا من آية.

  ولم يشترط الأخفش واحداً من الشرطين الأولين، واستدلَّ بنحو: {وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ}⁣[الأنعام: ٣٤]، {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ}⁣[الأحقاف: ٣١]، {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ


  المصنف قليلاً أو كثيراً نصب على الحال وهو معنى آية قوله: (إن ثبت فهو شاذ) أي: أنا أولاً لا نسلم ثبوته وإن سلم ثبوته فهو شاذ قوله: (وتقدير) أي: جعل الخ وقد يقال إن الاشتقاق والانتقال ليسا بلازمين للحال، وإنما هما غالباً فلا يكون عدم اشتقاق آية وانتقالها مناف بدعوى حاليتها. إنه يمكن أن تؤول بمشتق، وأما قوله ولا يظهر فيه معنى الحال فممنوع. قوله: (وتقدير الخ) عطف على تخريج كما أن التنظير عطف عليه أيضاً وكذلك قوله تفسير اللفظ وقوله ما ليس بمشتق أي الذي هو آية قوله: (فإن آية في هذه ناقة الله لكم آية) قد يقال مراده التنظير في كون لفظ آية وقع منكراً حالاً في الموضعين لا في اتحاد المعنيين. قوله: (لا واحدة الآية) أي: فمعناها البعض من القرآن وذلك في الآية الثاني أعني ما ننسخ الخ. قوله: (وتفسير اللفظ بما لا يحتمله الخ) يمكن أن يقال إنها أي آية نكرة في سياق الشرط فهي كسياقها في النفي فتعم حينئذ فتفسيرها بقليلاً أو كثيراً تفسير بما يحتمله اللفظ. قوله: (من الشرطين الأولين) أي: وقوعها بعد نفي أو استفهام أو نهي وكون مجرورها نكرة قوله: (ولقد جاءك الخ) أول الآية: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا}⁣[الأنعام: ٣٤] أي بإهلاك قومهم فاصبر حتى يأتيك النصر بإهلاك قومك ولا مبدل لكلمات الله، ولقد جاءك من نبأ المرسلين ما يسكن به قبلك قوله: (ولقد جاءك من نبأ المرسلين) هذا مثال لما فقد فيه الشرطان وكذلك قوله يغفر لكم الخ، وأما قوله قد كان من مطر ففقد فيه واحد أي كونها في سياق النفي.

  قوله: (ولقد جاءك من نبأ المرسلين) أي: فمن زائدة في الإثبات داخلة على معرفة لأن نبأ معرفة لإضافته للمرسلين قوله: (يغفر لكم من ذنوبكم) أجاب سيبويه بأن من تبعيضية أي يغفر لكم شيئاً من ذنوبكم فإن قلت إن الله قال إن الله يغفر الذنوب جميعاً أجيب بأن هذه في قوم نوح، وأما قوله يغفر الذنوب جميعاً فهي في أمة نبينا محمد أو أمة أنهما في محمد ولكن أخبر المولى أولاً بغفران البعض ثم أخبر ثانياً بغفرانها كلها ولا شك أن غفران البعض لا ينافي غفران الكل بل عدم غفران البعض هو المناقض لغفران الكل. قوله: (يحلون فيها من أساور) تقدم أن من هذه فيها قولان قيل إنها للابتداء أي