حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

النون المفردة

صفحة 303 - الجزء 2

  ٥٦٠ - وَقَاتِمِ الأَعْمَاقِ خَاوِي الْمُخْتَرَقْنُ ... مُشْتَبِهِ الأَعلامِ لَمَاعِ الْخَفَقْنُ

  وسُمِّي «غالياً» لتجاوزه حد الوزن، ويسمي الأخفش الحركة التي قبله «غلوا»، وفائدته الفرق بين الوَقْف والوَضل، وجَعَلَه ابن يعيش من نوع تنوين الترنّم، زاعماً أن الترنم يحصل بالنون نفسها، لأنها حرف أغَنُ، قال: وإنما سُمِّي المغني مغنياً، لأنه يُغَنِّنُ صوته: أي يجعلُ فيه غُنّة، والأصل عنده مغنن بثلاث نونات فأبدلت الأخيرة ياء تخفيفاً؛ وأنكر الزجاج والسيرافي ثبوت هذا التنوين ألبتة، لأنه يكسر الوزن، وقالا:


  (وقاتم الأعماق) تمامه:

  مشتبه الأعلام لماع الخفق

  القائم شديد السواد والأعماق جمع عمق بفتح العين المهملة وضمتها وهو ما بعد من أطراف المفازة أي مخبر النواحي والخاوي بالخاء المعجمة الخالي والمخترق بالخاء المعجمة وفتح التاء المثناة والراء الطريق الواسع والأعلام جمع علم الجيل وما يستدل به على الطريق والخفق بفتح الفاء وأصله السكون مصدر خفق البرق اضطرب. قوله: لتجاوزه حد الوزن أي فهو من الغلو بمعنى الزيادة لأن هذا زائد على الوزن. قوله: (الحركة التي قبله) هي كسرة القاف لأنه مضاف إليه، وجرى على الألسن فتحها كأنه إتباع للراء. قوله: (الفرق بين الوقف والوصل) أي: فإذا أتى به الشاعر علم أنه وقف ولم يوصل للبيت بما بعده بخلاف لو لم يأت به فيحتمل أنه واصل ويحتمل أنه واقف، وإن كانت القاف ساكنة لأجل توافق الروي مطلقاً، والحاصل أن إسكان القاف لأجل توافق الروي لا يمنع تردد السامع من كون المنشد واصلاً أو واقفاً ألا تري أنك تنشد الأبيات الساكنة الآخر موصولاً بعضها ببعض من غير وقف مع المحافظة على سكون الآخر من كل بيت فعلم أن ذلك السكون لأجل الوزن لا لأجل الوقف قوله: (وجعله ابن يعيش) هذا هو الذي وعد به فيما سبق فتنوين الترنم عنده لا يختص بالقوافي المطلقة. قوله: (وجعله) أي: خارج من الخيشوم الذي هو مخرج الغنة التي هي صوت يخرج من الخيشوم.

  قوله: (لأنه يغتن صوته) ومنه الروضة الغناء المورقة المثمرة لتغني الطير عليها. قوله: (والأصل) أي: أصل مغن. قوله: (فأبدلت الأخيرة ياء) أي: وحذفت الياء. قوله: (وأنكر الزجاج والسيرافي ثبوت هذا التنوين) أي: اللاحق للقوافي المقيدة. قوله: (عوض


٥٦٠ - التخريج الرجز لرؤبة في (ديوانه ص ١٠٤؛ والأشباه والنظائر ٢/ ٣٥؛ والأغاني ١٠/ ١٥٨؛ وجمهرة اللغة ص ٤٠٨، ٦١٤، ٩٤١؛ وخزانة الأدب ١٠/ ٢٥؛ والخصائص ٢/ ٢٢٨؛ والدرر ٤/ ١٩٥؛ وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٣٥٣؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٢٢٣؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٧٦٤، ٧٨٢؛ والمقاصد النحوية ١/ ٣٨).

اللغة: القاتم: المغبر الخاوي الخالي المخترق: مهب الريح الأعماق: أطراف المفاوز.

المعنى: يقول إنّه اجتاز مفازات خالية ومضلة. يريد أن يقول إنّه شجاع.