حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

النون المفردة

صفحة 304 - الجزء 2

  لعل الشاعر كان يزيد «إن» في آخر كل بيت، فضعف صوته بالهمزة، فتوهم السامع أن النون تنوين؛ واختار هذا القول ابن مالك وزعم أبو الحجاج بن معزوز أن ظاهر كلام سيبويه في المسمى تنوين الترنم أنه نون عوض من المدَّة، وليس بتنوين؛ وزعم ابن مالك في التحفة أنَّ تسمية اللاحق للقوافي المطلقة والقوافي المقيَّدة تنويناً مجاز، وإنما هو نون أخرى زائدة، ولهذا لا يختص بالاسم، ويجامع الألف واللام، ويثبت في الوقف.

  وزاد بعضهم تنويناً سابعاً، وهو تنوين الضرورة، وهو: اللاحق لما لا ينصرف، كقوله [من الطويل]:

  ٥٦١ - وَيَوْمَ دَخَلْتُ الْخِدْرَ خِدْرَ عُنَيْزَةٍ ... فَقَالَتْ: لَكَ الْوَيْلاتُ؛ إِنَّكَ مُرْجِلِي


  من المدة الظاهر أنه يثبت تنوين الغالي لأنه ليس عوضاً عن شيء. قوله: (وليس بتنوين) أي: لأن التنوين نون زائدة لغير توكيد وما كان بدلاً عن حرف أصلي فليس بزائد. قوله: (وزعم ابن مالك) هذا غير اختياره لمذهب السيرافي والزجاج فله قولان قوله: (ويثبت في الوقف) فيه أن الزمخشري كلامه يفيد أنه لا يثبت في الوقف وعبارته حيث أشار إلى تنوين الترنم هو التنوين الذي يقع في إنشاد الشعر مكان حرف الإطلاق، وإذا وصل المنشد ولم يقف فهذا نص في أنه لم يثبت في الوقف قوله: (وهو اللاحق لما لا ينصرف) أي: فتنوينه تنوين ضرورة لا تنوين تمكين لوجود العلتين في الممنوع من الصرف، وتنوين التمكين لا يجامعها وحينئذ فقولهم إن الممنوع من الصرف يجوز صرفه للضرورة معناه إنه يجوز أن يؤتى فيه بتنوين مشابه في الصورة لتنوين الصرف، وإن كان ليس تنوين تمكين لوجود العلتين. قوله: (ويوم دخلت الخدر الخ) تمامه:

  فقالت لك الويلات إنك مرجلي

  الخدر هو الهودج ويستعار للستر ومنه قولهم جارية مخدرة أي مقصورة في خدرها لا تبرز منه وعنيزة بعين مهملة مضمومة، فنون فياء تصغير فزاي فهاء تأنيث اسم محبوبته وهي ابنة عم الشاعر امراء القيس، وقيل هو لقب لها واسمها فاطمة وقيل: بل اسمها عنيزة وفاطمة غيرها والويلات جمع ويلة والويلة والويل شدة العذاب، وزعم بعضهم أن هذا منها له في معرض الدعاء عليه والعرب تفعل ذلك صرفاً لعين الكمال عن المدعو


٥٦١ - التخريج: البيت لامراء القيس في (ديوانه ص ١١؛ وخزانة الأدب ٩/ ٣٤٥؛ وشرح التصريح ٢/ ٢٢٧؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٧٦٦؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٣٧٤؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني ٢/ ٥٤١).

شرح المفردات: الخدر: ستر يمد للمرأة في ناحية البيت عنيزة عشيقة الشاعر. لك الويلات: دعاء عليه بالشدّة والعذاب. المرجل: الذي يصيّر راجلاً أي ماشياً على رجليه.

المعنى: يقول: ويوم دخلت هودج عنيزة دعت عليّ وقالت إنك تحملني على المشي سيراً على الأقدام لامتطائك بعيري.