النون المفردة
  وقبل المضاف إليها «لَدُنْ» أو «قَدْ» أو «قط» إلا في القليل من الكلام، وقد تلحق في غير ذلك شذوذاً، كقولهم: «بَجَلْنِي» بمعنى: حَسْبِي.
  وقوله [من الوافر]:
  ٥٦٣ - وَمَا أَدْرِي وَظَنِّي كلُّ ظَنْ ... أَمُسْلِمُني إلى قَوْمِي شَرَاحِي
  يريد: شراحيل، وزعم هشام أن الذي في «أَمُسْلِمُني» ونحوه تنوين لا نون، وبنى ذلك على قوله في «ضاربني» أن الياء منصوبة، ويرده قول الشاعر [من الطويل]:
  قوله: (وقبل المضاف إليها لدن) يعني قد تلحق نون الوقاية قبل الياء المضاف إليها لدن نحو قد بلغت من لدني عذراً بالتشديد كما قرأ الأكثرون وقرأ نافع وأبو بكر لدني بالتخفيف، قال ابن مالك وزعم سيبويه أن عدم لحاق نون الوقاية للدن من الضرورات وليس كذلك لهذه القراءة الثابتة في السبع، وأما قد وقط المضافان إلى الياء فقدني وقطني بالنون فيهما أعرف من قدي وقطي بتركها كذا قال ابن مالك وظاهره وظاهر المصنف جواز الوجهين في الاختيار، وقد نص قوم على أن الحذف فيهما ضرورة. قوله: (أمسلمني) الهمزة للاستفهام ومسلمني اسم فاعل مبتدأ والنون للوقاية والياء في محل جر بالإضافة لمسلم وشراحي فاعل أغنى عن الخبر ونون الوقاية لا تمنع من الإضافة، وهذا الإعراب هو المشهور، وقال هشام الهمزة للاستفهام ومسلم مبتدأ والياء مفعول لمسلم وليست مضافة لمسلم لأن التنوين يمنع من الإضافة والأصل عنده أمسلم لي ثم حرك التنوين بالكسر لمناسبة الياء وليس فيه نون وقاية. قوله: (وبنى ذلك الخ) أي: إن مذهبه أن الياء في ضاربني في محل نصب وليست هناك إضافة فهو بمنزلة زيد ضارب عمراً، وإذا لم يكن إضافة فالذي قبل الياء تنوين لا نون وقاية لأنها تجامع الإضافة والغرض الفرار منها قوله: (إن الياء منصوبة) أي لأن الجر إنما يكون بالإضافة والتنوين مانع منها، وإنما حرك التنوين عنده بالكسر لمناسبة الياء قوله: (ويرده قول الشاعر):
  وليس الموافيني ليرفد خائباً
  أي: فإنه لو كان ذلك تنويناً لا نون وقاية لزم عليه الجمع بين أل والتنوين فتعين أن
٥٦٣ - التخريج: البيت ليزيد بن محرم (أو محمد) الحارثي في (شرح شواهد المغني ٢/ ٧٧٠؛ والدرر ١/ ٢١٢؛ والمقاصد النحوية ١/ ٣٨٥؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٣/ ٢٤٣؛ وتذكرة النحاة ص ٤٢٢؛ ورصف المباني ص ٣٦٣، ولسان العرب ١/ ٣٥٣ (شرحل)؛ والمحتسب ٢/ ٤٢٢؛ والمقرب ١/ ١٢٥؛ وهمع الهوامع ١/ ٦٥).
اللغة: مسلمني تاركي وخاذلي شراحي: شراحيل اسم علم وشراحي مرخم شذوذاً لأنه ليس منادى.
المعنى: لا أدري أيخذلني ويسلمني شراحيل إلى قومي ليفعلوا بي ما أرادوا، مع أني أعتقد اعتقاداً، وآمل أملاً كبيراً، أن لا يسلمني ولا يخذلني.