· (نعم) بفتح العين،
  بلى، وذلك لأن المقرَّرَ قد يوافقك فيما تدعيه وقد يخالفك، فإذا قال: «نعم» لم يعلم هل أراد: نعم، لَمْ تُعطني على اللفظ، أو نعم أغطيتني على المعنى؛ فلذلك أجابوه على اللفظ، ولم يلتفتوا إلى المعنى، وأما «نعم» في بيت جخدر فجواب لغير مذكور، وهو ما قدره في اعتقاده أن الليل يجمعه وأم عمرو؛ وجاز ذلك لأمن اللبس، لعلمه أن كل أحد يعلم أن الليل يجمعه وأم عمرو؛ أو هو جواب لقوله: «وأرى الهلال - البيت» وقدمه عليه. قلت: أو لقوله: «فذاك بنا تداني» وهو أحسن. وأما قول الأنصار فجاز لزوالِ اللبس، لأنه قد عُلم أنهم يريدون نعم نعرف لهم ذلك، وعلى هذا يُحمل استعمال سيبويه لها. بعد التقرير، اهـ.
  ويتحرر على هذا أنه لو أجيب {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ}[الأعراف: ١٧٢] بـ «نعم» لم يَكْفِ
  قوله: (وذلك) أي: وبيان كونهم أجروه مجرى النفي المحض، وإن كان إيجاباً في المعنى قوله: (فيما تدعيه) أي من الإعطاء قوله: (وقد يخالفك) أي: بأن يكون معترفاً بعدم الإعطاء قوله: هل أراد نعم) أي: فيكون مخالفاً. قوله: (أو نعم أعطيتني) أي: فيكون موافقاً لما يدعيه قوله: (فلذلك) أي: لأجل الاحتمال أجابوه على اللفظ أي أناطوا الجواب بمراعاة اللفظ ولم يلتفتوا لمراعاة المعنى بحيث يكون معنى نعم الإيجاب. قوله: (على اللفظ) أي: مراعاة للفظ السؤال. قوله: (ولم يلتفتوا للمعنى) أعني الإيحاب. قوله: (وأما نعم في بيت جحدر الخ) هذا جواب عما يقال حيث أناطوا الجواب بمراعاة اللفظ فمقتضاه أن يكون معنى نعم بيت جحدر أن الليل لم يجمعه مع أم عمر مع أن المراد أنه يجمعهما فلم يكن الجواب منوطاً بمراعاة اللفظ بل بمراعاة المعنى، وحاصل الجواب أن نعم ليست جواباً للسؤال المتقدم حتى يكون مراعى فيه المعنى، بل جواب لمقدر.
  قوله: (فجواب لغير مذكور) أي: فهو جواب لقوله في نفسه الليل يجمعنا، وأم عمرو هذا فأجاب بقوله نعم فقوله نعم ليس جواباً لقوله المذكور أليس الليل الخ، ومن يعلم أن قول المجيب للطارق للباب نعم جواب لسؤال مقدر فكأن الطارق حين طرق قال أأنت حاضر فأجابه بقوله نعم أنا حاضر. قوله: (في اعتقاده) أي: في نفسه. قوله: (وجاز ذلك) أي: إجابة غير المذكور. قوله: (قلت الخ) هذا الاحتمال منقول عن الشيخ أبي حيان فلعل المصنف لم يطلع عليه قوله: (أو لقوله) أي: جواب لقوله. قوله: (قال) أي: ابن عصفور. قوله: (وأما قول الأنصار الخ) هذا جواب عما يقال إن قول الأنصار قد أناطوا فيه الجواب بمراعاة المعنى لا باللفظ، وحاصل الجواب أن محل إناطة الجواب باللفظ وعدم مراعاة المعنى إذا لم يؤمن اللبس فإن أمن جاز مراعاته كما في كلام الأنصار. قوله: (لأنه) أي: النبي ﷺ وقوله أنهم يريدون أي بقولهم نعم. قوله: (وعلى هذا يحتمل الخ) أي: على مراعاة المعنى في الجواب لأمن اللبس بحمل استعمال سيبويه؛ لأن فيه قرينة مزيلة للبس وهو كون القصد إلزام الخصم.