حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الأول: العاطفة

صفحة 332 - الجزء 2

  مِنَ الْمُرْسَلِينَ ٧}⁣[القصص: ٧]، فإن الردّ بُعَيْدَ إلقائه في اليم، والإِرْسَالَ على رأس أربعين سنة. وقولُ بعضهم «إن معناها الجمع المطلق» غيرُ سديد، لتقييد الجمع بقيدِ الإطلاق، وإنما هي للجمع لا بقيد. وقول السيرافي «إن النحويين واللغويين أجمعوا على أنها لا تُفيد الترتيب» مردود، بل قال بإفادتها إياه قُطرُب والرَّبَعِيُّ والفَرَّاء وثعلب وأبو عمرو الزاهد وهشام والشافعي، ونقل الإمام في البرهان عن بعض الحنفية أنها للمعية.

  وتنفرد عن سائر أحْرُفِ العطف بخمسة. عشر حكماً:

  أحدها: احتمال معطوفها للمعاني الثلاثة السابقة.

  والثاني: اقترانها بـ «إمّا» نحو: {إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ٣}⁣[الإنسان: ٣].

  والثالث: اقترانها بلا إن سبقت بنفي ولم تقصد المعية، نحو: «ما قامَ زَيْدُ ولا عَمْرُو»، ولتفيد أن الفعل منفي عنهما في حالتي الاجتماع والافتراق،


  (وإنما للجمع لا بقيد) والحق إن الجمع المطلق ومطلق الجمع في اللغة شيء واحد وإنهما عبارة عن الماهية لا بقيد شيء لا هي بقيد لا شيء، وأما قول الفقهاء فرق بين الماء المطلق ومطلق الماء فهو اصطلاح طاراء، ومن هذا الاصطلاح نشأ هذا الوهم أي قوله غير سديد فالحق إن كلام هذا البعض سديد. قوله: (لا تفيد الترتيب) بل هي لمطلق الجمع فهي محتملة للترتيب وعكسه والمعية. قوله: (على أنها لا تفيد الترتيب) أي: فقط أي إنها غير موضوعة لذلك قوله: (والشافعي) أي: فقال إن ترتيب أعضاء الوضوء واجب أي فرض وأخذ ذلك من كون الواو للترتيب قوله: (ونقل الإمام في البرهان) أي: إمام الحرمين لأن البرهان كتاب له، وإمام الحرمين هو أبو المعالي عبد الملك الجويني ضياء الدين.

  قوله: (إنها للمعية) أي: لا للترتيب ولا لمطلق الجمع فهو قول ثالث فيها. قوله: (للمعاني الثلاثة السابقة) أي: الترتيب وعكسه والمعية وأورد على هذا حتى فإنها على كلام الجمهور تحتمل المعاني، الثلاثة فإذا قلت قدم الحجاج حتى المشاة احتمل المعية والسبقية والترتيب، وحينئذ فلا يصح الانفراد وأجيب بأن كل منهما، وإن احتمل معطوفه للمعاني الثلاثة لكن الترتيب في الواو ذهني وخارجي بخلاف حتى فإن الترتيب فيها ذهني. قوله: (ولم تقصد المعية) أي: ولم يقصد نفي الحكم عنهما على سبيل المعية، أما إذا قصد ذلك فلا يصح الإتيان بلا لأنها توهم نفي الحكم مطلقاً والغرض نفيه على سبيل المعية اهـ - دماميني قوله: (لتفيد) أي: الواو وحدها إنها لا تشرك ما قبلها فيما بعدها ولا بعدها إنما هي لتوكيد النفي قوله: (ومنه) أي: ومن اقتران الواو بلا لعدم قصد نفي الحكم عن المتعاطفين على سبيل المعية.