حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (الواو المفردة) انتهى مجموع ما يذكر من أقسامها إلى أحد عشر:

صفحة 333 - الجزء 2

  ومنه: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى}⁣[سبا: ٣٧]، والعطف حينئذ من عطف الجمل عند بعضهم على إضمار العامل، والمشهور أنه من عطف المفردات؛ وإذا فُقِدَ أحد الشرطين امتنع دخولها، فلا يجوز نحو: «قام زيد ولا عمرو»، وإنما جاز {وَلَا الضَّالِّينَ ٧}⁣[الفاتحة: ٧] لأن في غير معنى النفي، وإنما جاز قوله [من البسيط]:

  ٥٧٣ - فاذْهَبْ، فأَيُّ فَتى في النَّاسِ أَحْرَزَهُ ... مِنْ حَتْفِه ظُلَمٌ دُعْجٌ وَلَا حِيَلُ

  لأن المعنى لا فتى أخرَزَه مثل: {فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ ٣٥}⁣[الأحقاف: ٣٥]؛ ولا يجوز «ما اختصم زيد ولا عمرو» لأنه للمعيّة لا غير، وأمَّا {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ ١٩ وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ ٢٠ وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ ٢١ وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ


  قوله: (ومنه وما أموالكم ولا أولادكم الخ) أي: فالمعنى انتفى تقريبكم عندنا في الحالتين أي اجتماع الأموال والأولاد عندكم وافتراقها. قوله: (والعطف حينئذ من عطف الجمل) أي: فيقدر للثاني عامل فنقول في ما قام زيد ولا عمرو ولا قام عمرو، وكذا تقول ما أموالكم ولا أولادكم ما أموالكم تقربكم ولا تقربكم أولادكم. قوله: (الشرطين) وهما سبق النفي على الواو وعدم قصد النفي على سبيل المعية قوله: (دخولها) أي: دخول لا.

  قوله: (فلا يجوز) أي: لفقد الشرط الأول ووجه منعه ظاهر وهو أن الواو تقتضي تشريك ما بعدها لما قبلها في الإيجاب وذكر لا يقتضي نفي ما بعدها فيكون ما بعدها موجباً منفياً وهو تناقض قوله: (لأن في غير) أي: في غير المغضوب. قوله: (أحرزه) أي: جعله في حرز يمنع من الوصول إليه. قوله: (من حتفه) أي: من موته، وقوله دعج أي شديدة السواد. قبوله: (حيل) يصح أن يكون المراد جمع حيلة، ويصح أن يكون المراد جبل بالجيم والباء قوله: (ولا حيل) أي: فهو عطف على ظلم أي أي فتى أحرزه من الموت ظلم الليالي ولا حيل فقد عطف بلا بعد إثبات قوله: (لأن المعنى لا فتى) أي: فالاستفهام بمعنى النفي لأنه للإنكار. قوله: (فهل يهلك الخ) أي: لا يهلك الخ. قوله: (ولا يجوز ما اختصم زيد الخ) أي: لأن الواو ولا تقيد نفي الاختصام عنهما مجتمعين ومنفردين فيفيد أن الاختصام يصح أن يكون متعلقاً بشخص واحد حتى إنه يصح


٥٧٣ - التخريج: البيت للمتنخل الهذلي في (شرح أبيات المغني ٦/ ٧٧؛ وشرح أشعار الهذليين ص ١٢٨٣).

اللغة: أحرزه: جعله في حرز أمين الحتف: الهلاك. ظلم: جمع ظلماء، وهي الليالي السوداء. دعج: الشديدة السواد.

المعنى: لا أحد في الناس جعله ظلم الليالي والتحصن بالجبال في مأمن من الموت والهلاك.