حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (الواو المفردة) انتهى مجموع ما يذكر من أقسامها إلى أحد عشر:

صفحة 336 - الجزء 2

  التاسع: عطف ما لا يُستغنى عنه كـ «اخْتَصَمَ زَيْد وَعَمْرو»، و «اشْتَرَكَ زَيْدٌ وعَمْرُو». وهذا من أقوى الأدلة على عدم إفادتها الترتيب، ومن ذلك: «جَلَسْتُ بَيْنَ زَيْدٍ وعَمْرو»، ولهذا كان الأصمعي يقول الصواب [من الطويل]:

  [قِفَا نَبْكِ مِنْ ذكرى حبيب ومنزل ... بِسِقْطِ اللَّوَى] بَيْنَ الدَّخُولِ وَحَوْمَلِ

  لا «فحومل»، وأجيب بأن التقدير: بين نواحي الدخول، فهو كقولك: «جَلَسْتُ بين الزَّيْدِينَ فَالْعَمْرِين»، أو بأن الدُّخُول مشتمل على أماكن.

  وتشاركها في هذا الحكم «أم» المتصلة في نحو: «سَواءٌ أَقُمْتَ أَم قَعَدْتَ»، فإنها عاطفة ما لا يستغنى عنه.

  والعاشر والحادي عشر: عطف العام على الخاص، وبالعكس؛ فالأول نحو: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}⁣[نوح: ٢٨]؛


  ثم إنه قد ينازع في اختصاص الواو بهذا إذ لا مانع من نحو أقمت يوماً فيوماً.

  قوله: (على عدم إفادتها الترتيب) أي: لأنه لا يعقل الفعل هنا إلا معاً وفيه أن القائل بأنها موضوعة للترتيب له أن يقول إنها تفيد الترتيب ما لم تقم قرينة على خلافه كما هنا. قوله: (جلست بين زيد وعمرو) أي: لأن البينية لا تعقل إلا بين شيئين. قوله: (ولهذا) أي: لأجل كون الواو اختصت بعطف ما لا يستغنى عنه ... قوله: (لا فحومل) أي: لأن العاطف هنا عطف ما لا يستغنى عنه والعامل بين والبينية لا تعقل إلا بين متعدد وعطف ما لا يستغنى عنه من خواص الواو. قوله: (بين نواحي الدخول) أي: أطرافه القريبة، وقوله أو بأن الدخول الخ الأولى تقديمه على قوله فهو كقولك جلست لأنه صحيح أيضاً قولك جلست بين الزبيرين فالعمرين قوله: (فهو كقولك جلست بين الزيدين فالعمرين) أي: فالمعنى جلست بين أماكن الزيدين والعمرين قوله: (أو بأن الدخول مشتمل) أي: من غير تقدير مضاف فغاير ما قبله قوله: (ويشاركها في هذا الحكم أم الخ) فيه أن الموضوع في الكلام على انفراد الواو ومع هذا الاشتراك لا يعقل الانفراد، وأجاب الشمني بأن قوله التاسع الخ على مذهب الجمهور، وقوله يشاركه الخ اعتراض منه عليهم وهو بعيد إذ لو كان قصده الاعتراض عليهم لقال وفيه نظر لأن أم الخ وهذا السؤال والجواب بعينه يتأتى في قوله قريباً ويشاركها في هذا حتى. قوله: (ويشاركها الخ) أي: فعده من المختصة بالواو، أما بالنسبة لغير أم نظير الحصر الإضافي أو إنه تبع غيره ثم بين ما فيه، وهذان الجوابان يأتيان في مشاركة حتى لأم في عطف الخاص على العام كما يأتي. قوله: (رب اغفر لي ولوالدي) المثال باعتبار غير الوالدين وكل واحد عطف على ما قبله. قوله: (ولمن دخل بيتي مؤمناً) أي: فهذا أعم من والديه، وكذلك والمؤمنين والمؤمنات أعم ممن دخل بيته.