حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

أن المفتوحة الهمزة الساكنة النون

صفحة 90 - الجزء 1

  تكون مصدرية وهي وصلتها عطف بيان على الهاء في «به»، ولا بدلاً من «ما»، أما الأول فلأن عَطْف البيان في الجوامد بمنزلة النعتِ في المشتقات، فكما أن الضمير لا يُنعت كذلك لا يُعطف عليه عطف بَيَانِ ووهم الزمخشري فأجاز ذلك ذُهولاً عن هذه النكتة، وممن نص عليها من المتأخرين أبو محمد بن السيد وابن مالك، والقياس معهما في ذلك؛ وأما الثاني فلأن العبادة لا يَعْمَل فيها فعلُ القول، نعم إنْ أُولَ القولُ بالأمر، كما فعل الزمخشري في وجه التفسيرية جاز، ولكنه قد فاته هذا الوجه هنا فأطلق المنع.


  الكلام الذي أمرتني أن أقوله لهم وهو اعبدوا الله. ربي وربكم فحينئذ صح جعلها تفسيرية لأمرتني اهـ تقرير دردير أو أن الكلام الذي قال المولى قل لهم اعبدوا الله فقال عيسى لهم اعبدوا الله وزاد من عنده ربي وربكم تعظيماً له سبحانه ثم إنه في الحكاية أردف المحكي عن الله بما زاده تعظيماً لله أو انه حكاية بالمعنى فكأنه تعالى قال له قل لهم يعبدوا الله ربك وربهم فحكاه عيسى بالمعنى فعبر عن نفسه بطريق التكلم وعنهم بطريق الخطاب على ما هو مقتضى المقام فصح جعلها تفسيرية لأمرتني أو أن الله قال له كلاماً يؤدي هذه الجملة ففسرها بقوله اعبدوا الله ربي وربكم على أن كونها مفسرة لمقول القول مساو لجعلها مفسرة لمأموره تعالى إذ مقول القول عين ما أمر به تعالى فما قيل على أحدهما يقال على الآخر. قوله (في الجوامد) أي: الواقعة تابعة وهو هنا المصدر المنسبك بدليل قوله بمنزلة النعت في المشتقات أي التابعة قوله: (ووهم الزمخشري) أي: غلط قد يقال هذه النكتة المذكورة رآها الزمخشري غير معتبرة بناءً على أن ما ينزل منزلة الشيء لا يلزم أن يعطى حكم ذلك الشيء ألا ترى المنادى المفرد قالوا أنه كالضمير فلذا بني ومنعوا نعت الضمير دون المنادي، فلعل الزمخشري لاحظها ولكن لم يقل بها اهـ تقرير دردير. قوله: (فأجاز ذلك) أي: عطف البيان على الضمير قوله: (عن هذه النكتة) هي الدقيقة التي تستخرج بدقة النظر إذ يقارنها غالباً نكت الأرض بعود أو أصبع. قوله: (أبو محمد بن السيد) هو أبو محمد عبد الله بن السيد بكسر السين قوله: (وأما الثاني) أي: وهو امتناع جعل أن اعبدوا بدلاً من ما قوله: (لا يعمل فيها فعل القول) أي: لأنه ينحل المعنى ما قلت لهم إلا عبادة الله وذلك الكلام لا يصح؛ لأن العبادة لا تقال ما لم يؤول القول بالأمر. قوله: (وقد فاته هذا الوجه) أي: وهو التأويل للقول بمعنى الأمر. قوله: (وقد فاته هذا الوجه هنا فأطلق المنع) قد يقال إنما منع بناءً على أن القول بمعناه ليس مؤولاً بشيء على ما يرشد إليه قوله؛ لأن العبادة لا تقال، وإلا فلو أول بالأمر لزال المانع وصح بيان جعلها مصدرية إذ العبادة مما يؤمر بها وأجاز بعضهم الحكم بمصدريتها على أن يكون المعنى ما قلت لهم إلا عبادة الله أي الزموا عبادته ويكون هو المراد مما أمرتني به من حيث أنها في حكم المفرد؛ لأنها مقولته وما أمرتني مفرد لفظاً وجملة معنى اهـ دماميني. قوله: (فأطلق المنع) أي: فقال لا يصح جعلها بدلاً من ما ظاهره مطلقاً.