والتاسع: واو الثمانية
  والمعنى: نعم هم سبعة وثامنهم كلبهم، وإن هذا تصديق لهذه المقالة كما أن {رَجْمًا بِالْغَيْبِ}[الكهف: ٢٢] تكذيب لتلك المقالة، ويُؤيده قول ابن عباس ®: حين جاءت الواو انقطعت العِدَّة أي لم تبق عِدة عاد يُلتفت إليها.
  فإن قلت: إذا كان المراد التصديق فما وجه مجيء {قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ}[الكهف: ٢٢]؟
  قلت: وجه الجملة الأولى توكيد صحة التصديق بإثبات علم المصدق؛ ووجه الثانية الإشارة إلى أن القائلين تلك المقالة الصادقة قليل، أو أن الذي قالها منهم عن يقين قليل، أو لما كان التصديق في الآية خفيّاً لا يستخرجه إلا مثل ابن عباس قيل ذلك، ولهذا كان يقول: وأنا من ذلك القليل، هم سبعة وثامنهم كلبهم.
  أعني هم سبعة. قوله: (لتلك المقالة) أعني سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم قوله: (ويؤيده) أي: يؤيد كون العطف أي الكلام المعطوف من كلام الله.
  قوله: (انقطعت العدة الخ) هو مقول القول ابن عباس قوله: (يلتفت إليها) أي: فيكون قوله وثامنهم كلبهم من مقول الله تعالى قوله: (إذا كان المراد) أي: من جملة وثامنهم كلبهم قوله: (الجملة الأولى) أي: قوله قل ربي أعلم بعدتهم وحاصله أنه لما كان يتوهم أن هذا التصديق أعني قوله وثامنهم كلبهم ليس بصحيح، وإن الذي صدقهم وقال لهم صدقتم ليس عالماً بالواقع، قال الله تعالى قل ربي أعلم أي أن المصدق بذلك هو العالم بكل شيء، وإذا كان المصدق بذلك عالم بكل شيء تأكد التصديق. قوله: (توكيد صحة التصديق) الأولى حذف صحة أو أنه من إضافة الصفة للموصوف. قوله: (بإثبات علم الصدق) أي: وهو الله. قوله: (ووجه الثانية) أعني قوله ما يعلمهم إلا قليل الإشارة الخ فكأن المولى قال أنهم صدقوا في هذه المقالة ولكن هذه المقالة الصادقة لم يقال بها إلا قليل لقلة العالمين بالعدد قوله: (تلك المقالة) أي: وهي سبعة. قوله: (أو لما كان الخ) أي: أو يقال في وجه الجملة الثانية إنه لما كان التصديق أن من الله لهم، وقوله لا يستخرجه إلا ابن عباس أي وأمثاله(١) من الراسخين في العلم الذين يعلمون مواقع الكلام بأن يقولوا هذه الواو لا بد لها من نكتة والنكتة فيها أنها داخلة على محذوف تصديق لهم أي نعم هم سبعة وثامنهم الخ.
  قوله: (خفياً) أي: لأنه يتوهم أن قوله وثامنهم الخ من كلامهم لأن قبلها كل من أثبت عدد أذكر الكلب سادساً أو رابعاً واعلم أن قوله ما يعلمهم إلا قليل معناه على هذا الجواب ما يعلمهم الآن، وأما على الجوابين الأولين فالمعنى ما يعلمهم فيما مضى إلا قليل.
(١) قوله إلا ابن عباس أي وأمثاله هكذا في خطه ونسخ المتن التي بأيدينا إلا مثل ابن عباس ا. هـ.