الثاني عشر: واو علامة المذكرين
  الحيوانات عاقلة وغير عاقلة؛ وقال ابن الشجري عندي أن «الأكل» هنا بمعنى العدوان والظلم، كقوله [من الوافر]:
  ٥٩٠ - أكَلْتِ بَنِيكِ أكْلَ الضَّبِّ حَتَّى ... وَجَدْتِ مَرَارَةَ الكَلأ الوَبِيل
  أي: ظَلمتهم؛ وشبه الأكل المعنوي بالحقيقي؛ والأحْسَنُ في «الضبّ» في البيت أن لا يكون في موضع نصب على حذف الفاعل؛ أي مثل أكلك الضب، بل في موضع رفع على حذف المفعول: أي مثل أكل الضَّب أولاده؛ لأنَّ ذلك أدخل في التشبيه، وعلى هذا فيحتمل الأكل الثاني أن يكونَ، معنويا، لأن الضب ظالم لأولاده
  قوله: (بمعنى العدوان والظلم) تفسير أي والظلم من صفات العقلاء. قوله: (بمعنى العدوان والظلم) أي: فالكلام أعني أكلوني البراغيث فيه استعارة تبعية حيث شبه الظلم والعدوان بالأكل واستعار الأكل للظلم واشتق من أكل أكلوا بمعنى ظلموا والقرينة الواو في أكلوني لأنها لا تستعمل إلا في العقلاء. قوله: (أكلت بنيك) استعار الأكل لظلم البنين أولاً ثم استعار لهم الكلا من حيث كان المظلام بمنزلة المأكول في الاستهلاك والاستئصال ثم لما كان ذلك مستقبحاً وخيم العاقبة جعله وبيلاً وشبه ما ينشأ منه من الفساد الذي تنفر منه الطبائع السليمة بمرارة العشب المر الذي يرعى اهـ دماميني، وقوله أكلت بنيك الخ بعده:
  ولو كان الأولى غابوا شهوداً ... منعت فناء بيتك من بجيل
  وهذه الأبيات في رجل طرد بنيه فحطم رجل يقال له بجيل بيوته بماشيته فأقبل بعض أولاده من الشام واحتقر الباغي عليه ثم رجع للشام ولم يأكل لأبيه طعاماً. قوله: (الكلا) بالقصر العشب وقوله الوبيل أي الوخيم المر الذي لا يوافق المزاج. قوله: (وشبه الأكل المعنوي) أي: وهو الظلم المعبر عنه بالأكل مجازاً. قوله: (والأحسن الخ) هذا تحقيق للكلام وتورك على ابن الشجري لأنه قال شبه الأكل المعنوي بالحقيقي وهو أكل الضب أولاده وأكلك للضب ولا يجوز أن يشبه الأكل المعنوي بالمعنوي. قوله: (أي مثل أكلك الضب) بيان للمنفي. قوله: (أدخل في التشبيه) أي: لأنه قد شبه أكل الرجل أولاده بأكل الضب أولاده فالمشبه به والمشبه كل منهما أكل أولاد بخلاف المعنى الأولى فإنهما ليسا متحدين. قوله: (الثاني) أي كما أن الأول أكل معنوي فقد شبه أكل معنوي بأكل
٥٩٠ - التخريج البيت للعملس بن عقيل في (الحيوان ٦/ ٤٩؛ والمعاني الكبير ص ٦٤٢؛ وبلا نسبة في الأغاني ١٢/ ٢٧١؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٧٨٣).
اللغة: أكل الضب مثل أكل الضب أولاده الكلأ: العشب الذي تأكله الماشية والوبيل: الوخيم، المر الذي لا يستساغ طعمه.
المعنى: ظلمت أولادك ظلماً شبيهاً بظلم الضب الذي يأكل أولاده الصغار ودمت على ذلك، حتى ذقت مرارة الحياة بسبب تعدي الناس عليك وعرفت نتائج ظلمك لأولادك.