مسألة - ولا معنى لـ «أن» الزائدة
  وزعم الزمخشري أنه ينجر مع التوكيد معنى آخر، فقال في قوله تعالى: {وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ}[العنكبوت: ٣٣] دخلت «أن» في هذه القصة ولم تدخل في قصَّة إبراهيم في قوله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا}[هود: ٦٩] تنبيهاً وتأكيداً، على أن الإساءة كانت تَعْقُب المجيء، فهي مؤكدة في قصة لوط للاتصال واللزوم، ولا كذلك في قصة إبراهيم، إذ ليس الجواب فيها كالأول؛ وقال الشلوبين: «لما كانت «أن» للسبب في «جِئْتُ أن أُعطي» أي: للإعطاء، أفادت هنا أن الإساءة كانت لأجل المجيء وتعقيبه، وكذلك في قولهم: «أما والله أن لَوْ فعلتَ لفعلْتُ»، أكَدَتْ أن ما بعد «لو» وهو السبب في الجواب، وهذا الذي ذَكَرَاه لا يعرفه كبراء النحويين». انتهى.
  في قوله كان ظبية أفادت قوة التشبه قوله: (كسائر الزوائد) أي الحروف الزوائد ما الأصلية فتفيد معاني غير التوكيد فالبناء يعني مثلاً تفيد السببية. قوله: (أنه ينجر الخ) لعل المراد أنه ينجر في بعض المحلات لا دائماً اهـ. قوله: (معنى آخر) أي: هو التعقيب. قوله: (فقال الخ) أي: أنه لم يقل إنها تفيد مع التوكيد التعقيب بل ذلك يؤخذ من كلامه. قوله: (تنبيهاً الخ) المناسب أن يقول توكيداً وتنبيهاً على أن الخ لأجل أن يفيد أن التنبيه على التعقيب. قوله: (كانت) تعقب المجيء في نسخة يعقب. قوله: (فهي الخ) هذا التفريغ يخالف دعواه؛ لأن دعواه التعقيب والتوكيد وهذا التفريغ يقتضي أن الاتصال الذي هو التعقيب حاصل قبلها، وهي إنما فادت توكيد ذلك الاتصال فكان على المصنف أن يذكر ذلك اعتراضاً عليه من جملة الاعتراضات الآتية اهـ تقرير دردير قوله: (كالأول) أي: كالجواب في الآية الأولى؛ لأن الجواب في الأولى يعقب المجيء، وأما الجواب وهو قوله قالوا سلاماً في قصة إبراهيم فليس يعقب المجيء كذا قالوا ويأتي للمصنف الرد عليه بقوله، ثم كيف الخ. قوله: (لما كانت أن للسبب) أي مع ما فيها من إفادة التعقيب ضمناً بدليل قوله بعد وتعقبه.
  قوله: (للسبب) أي: السبب والتعليل قوله: (للسبب) أي: للسببية دالة على أن ما قبلها سبب فيما بعدها، وإنما كانت دالة على السببية؛ لأنها بمعنى لام العلة. قوله: (أفادت هنا) أي؛ في ولما أن جاءت رسلنا لوطاً الخ. قوله: (وتعقبه) أي: ونقع عقبه. قوله: (أكدت أن ما بعد لو الخ) ظاهره أنه سبب في حد ذاته وأنها لم تفد إلا التوكيد وهو مخالف لقوله أولاً وكذلك في قولهم الخ إذ التشبيه يفيد أنها تفيد غير التوكيد فهذا الاعتراض وارد على الشلوبين، وكان على المصنف أن يزيده على الاعتراضيين اللذين ذكرهما عليه. قوله: (أكدت أن ما بعد لو) أي: بعد لو فعلت وقوله وهو السبب في الجواب أي: لفعلت قوله: (الذي ذكراه) أي: الزمخشري والشلوبين. قوله: (اهـ) أي: كلام أبي حيان.