حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

التنبيه الثالث: من الجمل ما جرى فيه خلاف

صفحة 405 - الجزء 2

  إحداهما: أنه هل يجوز «زيداً إِنْ أَتَانِي أُكْرِمُهُ» بنصب «زيدا»؟ فسيبويه يُجيزه كما تُجِيزُ «زَيْداً أُكْرِمُهُ إِنْ أَتَانِي»، والقياس أن المبرد يمنعه، لأنه في سياق أداة الشرط، فلا يعمل فيما تقدم على الشرط، فلا يفسر عاملاً فيه.

  والثانية: أنه إذا جيء بعد هذا الفعل المرفوع بفعل معطوف، هل يُجزم أم لا؟ فعلى قول سيبويه لا يجوزُ الْجَزْم، وعلى قول المبرد ينبغي أن يجوز الرفع بالعطف على لفظ الفعل، والجزمُ بالعطف على محلّ الفاء المقدرة وما بعدها.

  الثاني: «مُذ» و «مُنْذُ» وما بَعْدَهما في نحو: «مَا رَأَيْتُهُ مُذْ يَوْمَانِ»، فقال السيرافي: في موضع نصب على الحال وليس بشيء، لعدم الرابط؛ وقال الجمهور: مُسْتَأنفه جواباً لسؤال تقديره عند مَنْ قدر «مذ» مبتدأ: ما أَمد ذلك؟ وعند من قدرها خبراً: ما بينك وبين لقائه؟

  الثالث: جملة أفعال الاستثناء «ليس» و «لا يكون» و «خلا» و «عَدَا» و «حاشا» فقال السيرافي حال، إذ المعنى: قام القومُ خالِينَ عن زيد، وجوز الاستئناف، وأوجبَهُ ابنُ عصفور، فإن قلت: «جَاءَنِي رِجَالٌ لَيْسُوا زَيْداً»، فالجملة صفة، ولا يمتنع


  الشرط بل دليل الجواب وأنه مؤخر من تقديم فهو مستأنف قوله: (كما يجوز الخ) أي: لأن محله التقديم فهو منصوب بفعل محذوف يفسره المذكور. قوله: (لا يجوز الجزم) أي: لأن محله التقديم فهو مرفوع وليس محله التأخير على أنه جواب حتى يجزم. قوله: (على محل الفاء المقدرة وما بعدها) فيه تسمح حيث جعل المحل للجملة والفاء وأدخل الفاء في المحل مع أن المحل إنما هو للجملة التي بعدها فقط كما يدخلون حرف الجر مع المجرور مع أن المجل للمجرور فقط. قوله: (الثاني) أي من أمثلة الجمل التي اختلف في كونها مستأنفة أولاً. قوله: (وليس بشيء لعدم الرابط) أي: في قولك مذ يومان لأن معنى الجملة المذكور مدة انتفاء الرؤية يومان أو بيني وبين لقائه يومان؛ وعلى كل حال فالجملة ليس فيها رابط لا واو ولا ضمير وقول بعض إن فيه رابطاً بحسب المعنى أن الأصل بيني وبين لقائه فقد وجد ضمير فالظاهر أنه لا يكفي وأنه لا بد من الرابط اللفظي. قوله: (لعدم الرابط) يعني رابط جملة الحال المعهود وهو الواو أو الضمير فيها. قوله: (ما أمد ذلك) أي: انتفاء الرؤية. قوله: (جملة أفعل الاستثناء) أي في نحو قولك قام القوم ليس زيداً أو خلا زيداً الخ. قوله: (ليس ولا يكون الخ) بدل من أفعال الاستثناء. قوله: (حال) أي: لأن الجمل بعد المعارف كالقوم أحوال قوله: (إذا المعنى) أي: في الجميع. قوله: (وأوجبه ابن عصفور) أي: لعدم الرابط في الجملة الحالية. قوله: (فالجملة صفة) أي: لأن الجمل بعد النكرات صفات. قوله: (في موضع جر بحتى) أي: بناءً على أن حتى الابتدائية كما هو موضوع الخلاف تكون جارة خلافاً للجمهور القائلين