حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجملة الثانية: المعترضة بين شيئين لإفادة الكلام تقوية وتسديدا أو تحسينا

صفحة 413 - الجزء 2

  [النساء: ١٣٥]، ولا يردُّ ذلك تثنية الضمير كما توهموا لأن «أو» هنا للتنويع، وحكمها حكم الواو في وجوب المُطابقة نص عليه الأبدي وهو الحق؛ أما قول ابن عصفور: إن تثنية الضمير في الآية شاذة فباطل كبطلان قوله مثل ذلك في إفراد الضمير في {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ}⁣[التوبة: ٦٢] وفي ذلك ثلاثة أوجه:

  أحدها: أن {أَحَقُّ} خبر عَنْهما؛ وسَهَّلَ إفراد الضمير أمران: معنوي وهو أن إرضاء الله سبحانه إرضاء لرسوله عليه الصَّلاة والسلام، وبالعكس {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ}⁣[الفتح: ١٠]، ولفظي هو تقديمُ إفراد «أحق»، ووَجْهُ ذلك أن اسم التفضيل المجرد من «أل» والإضافة واجبُ الإفراد نحو: {لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ}⁣[يوسف: ٨]، {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ}⁣[التوبة: ٢٤] إلى قوله {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ}⁣[التوبة: ٢٤].

  والثاني: أن {أَحَقُّ} خبرٌ عن اسم الله سبحانه، وحذف مثله خبراً عن اسمه


  الله أولى وأرحم بهما قوله (ولا يرد الخ) حاصله أن أو لأحد الأمرين أي وإذا كان كذلك فالضمير معها إنما يعود مفرداً لا مثنى. قوله: (للتنويع) أي: والضمير معها يطابق بخلاف أو التي ليست للتنويع فإنه يفرد معها. قوله: (مثل ذلك) أي: أنه قال إن أفراد والضمير في هذه الآية شاذ والقياس التثنية، وقوله وفيه أي فيما ذكر من الآية أو في تخريج الأفراد في هذه الآية ثلاثة أوجه قوله: (والله ورسوله أحق الخ) صدر الآية: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ}⁣[التوبة: ٦٢] أي يحلف المنافقون بالله لكم أنهم لمنكم، إن ما بلغ النبي عنهم من الإيذاء لم يقع منهم لأجل أن يرضوكم والحال إن الله ورسوله أحق أن يرضوهما بالطاعة.

  قوله: (وفيه) أي: وفي تخريج أفراده ثلاثة أوجه. قوله: (إن إرضاء الله الخ) في «الكشاف» و «حواشيه» أن الضمير للرسول وحده وإنما ذكر اسم الله جل اسمه تقوية للرسول على حد إن الذين يؤذون الله ورسوله وهم إنما يؤذون الرسول. قوله: (إن الذين يبايعونك) هذا دليل للعكس أي كون إرضاء الرسول إرضاء الله، وأما كون إرضاء الله إرضاء لرسوله فظاهر لا يحتاج لدليل قوله: (إفراد أحق) أي: فلما كان مفرداً سهل ذلك إفراد الضمير وحاصله أن الخبر لما سبق الضمير وكان مفرداً كأنه لوحظ الإفراد في المبتدأ فساغ إفراد الضمير العائد عليه قوله: (ووجه ذلك) أي: وجه إفراد أحق الذي هو الخبر الموجب إفراده لإفراد الضمير في يرضوه. قوله: (أو بالعكس) أي: فالضمير إنما هو راجع لله أو لرسوله قوله: (بأن يرضوه) أي: على الخلاف المذكور أوائل الكتاب من إن الذي حذف منه حرف الجر هل محله نصب أو جر. قوله: (وما عمري علي بهين) العمر بفتح العين هو بمعنى ضمها أي الحياة والذي يقع في القسم مفتوح العين. قوله: (الأقارع)