حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجملة الثانية: المعترضة بين شيئين لإفادة الكلام تقوية وتسديدا أو تحسينا

صفحة 415 - الجزء 2

  تقدير واو القسم في الأول والثاني توكيداً، كقولك: «والله والله لأفعلَنَّ»، وقال الزمخشري: جرّ الثاني على أن المعنى وأقولُ والحق أي: هذا اللفظ، فأعمل القول في لفظ واو القسم مع مجرورها على سبيل الحكاية قال وهو وجه حسن دقيق جائز في الرفع والنصب، اهـ.

  وقُراء برفع الأول ونصب الثاني، قيل: أي فالحق قسمي أو فالحق مني أو فالحق أنا، والأول أولى، ومن ذلك قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ٧٥}⁣[الواقعة: ٧٥ - ٧٧] الآية.


  (على تقدير واو القسم) أي: فالمعنى قال فوالحق والحق أي فأقسم بالحق وأقسم بالحق لأملأن الخ وعلى هذا فالاعتراض بجملة أقول قوله: (والثاني توكيداً) أي: فالاعتراض حينئذ إنما هو بجملة أقول مع فاعلها أي فالحق والحق لأملان فاعترض بأقول فقط. قوله: (وقال الزمخشري) أي: بعد أن ذكر ما قاله المصنف في وجه النصب والرفع، وأما ما قاله المصنف من الجر فلم يذكره الزمخشري.

  قوله: (على أن المعنى وأقول والحق) الأولى حذف الواو من قوله وأقول لأن الموجود إنما هي واو واحدة داخلة على الحق فالمعنى أقسم بالحق أقول في قسمي في هذا المقام الهائل والحق أي أقول هذا اللفظ أي لا أقول في قسمي إلا هذا اللفظ وبقولنا في هذا المقام اندفع ما يقال أن كثيراً ما يقسم بغير هذا اللفظ قوله: (فأعمل القول في لفظ واو القسم ومجرورها) أي: لتأويلهما بهذا اللفظ قوله: (على سبيل الحكاية) أي: للفظ المقسم به مع حرف القسم. قوله: (وهو وجه حسن) أي: لإفادته الحصر وتوكيد أن القسم بالحق والتنويه بأن ذلك القسم أمر عظيم. قوله: (وهو وجه حسن الخ) يعني حكاية اللفظ وتسليط العامل عليه محلاً وتقديراً وجه حسن وكما جاز في المجرور كهذه الآية كذلك يجوز في المرفوع والمنصوب فيحكى رفعهما ونصبهما وتسليط عامل غير الرفع والنصب عليهما. قوله: (جائز في الرفع) أي: لأنه تقدم أن المعنى الحق قسمي وأقول الحق فالحق مفعول أقول وحكاه بالرفع ففيه حصر بتقديم المفعول أي الحق قسمي ولا أقول إلا هذا اللفظ وقوله والنصب أي نصبهما والمعنى أقسم بالحق والحق أقول لا أقول إلا هذا اللفظ فتحصل أن الحق محكي سواء رفع أو نصب أو جر.

  قوله: (انتهى) أي: كلام الزمخشري لكن المصنف حذف من عبارته بيان الحصر وحذف بيان التوكيد وقد علمته وقدم قوله وجه حسن على قوله جائز في الرفع والنصب أن الزمخشري أخره وزاد في عبارته قوله فأعمل القول في لفظ واو القسم ومجرورها تأمل. قوله: (من ذلك) أي: من الاعتراض بين القسم وجوابه. قوله: (فلا أقسم الخ) أي: لأن الأمر واضح لا يحتاج لقسم أو فالقسم ولا مزيدة للتأكيد كما في لئلا بعمل أو فلأنا أقسم فحذف المبتدأ أو أشبع فتحة لام الابتداء ويدل له أنه قرأ فلأقسم أولاً رد لكلام