حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجملة الثانية: المعترضة بين شيئين لإفادة الكلام تقوية وتسديدا أو تحسينا

صفحة 417 - الجزء 2

  وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ}⁣[يونس: ٧٦ - ٢٧] الآيات؛ فإن جملة {وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} معطوفة على {كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ} فهي من الصلة، وما بينهما اعتراض بَيْنَ به قدر جزائهم، وجملة {مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ}⁣[يونس: ٢٧]، خبر قاله ابن عصفور، وهو بعيد؛ لأن الظاهر أن {تَرْهَقُهُمْ} لم يؤت به لتعريف «الذين» فيعطف على صلته، بل جيء به للإعلام بما يصيبهم جزاءً على كسبهم السيئات؛ ثم إنه ليس بمتعين، لجواز أن يكون الخبر {جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا}⁣[يونس: ٢٧] فلا يكون في الآية اعتراض؛ ويجوز أن يكون الخبر جملة النفي كما ذكر، وما قبلها جملتان معترِضَتان، وأن يكون الخبر {كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ}⁣[يونس: ٢٧] فالاعتراض بثلاث جمل، أو {أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ}⁣[يونس: ٢٧] فالاعتراض بأربع جُمل ويحتمل - وهو الأظهر - أن {الَّذِينَ} ليس مبتدأ، بل معطوف على {الَّذِينَ} الأولى، أي: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}، والذين كسبوا


  أحدهما على الأخرى، وقد يقال أن المعطوف على الصلة صلة فمجموع الجملتين صلة كل واحدة منهما جزء منها قوله: (الآيات) الأولى الآية ولعله جعلها آيات نظراً لما فيها من الأوقاف. قوله: (فهي من الصلة) أي: بعض منها فالصلة مجموع المتعاطفين فالعطف ملاحظ قبل الوصل فصح قول المصنف التاسع بين أجزاء الصلة وسقط ما ذكره الشمني. قوله: (بين به قدر جزائهم) أي: وهو أن قدر الجزاء المثل لا الأقل ولا الأكثر وحينئذ فالمعنى جزاء كل سيئة كائن بقدرها قوله: (خبر) أي: عن المبتدأ وهو قوله والذين كسبوا. قوله: (لأن الظاهر إن ترهقهم الخ) إنما كان ذلك ظاهراً لأن الشأن أن الموصول والصلة يؤولان باسم الفاعل مع صحة المعنى تقول الذي جاء أبوه زيدا أي الجائي أبوه وهناه يصح أن يقال الكاسبون السيئات في تعيين هؤلاء القوم ولا يقال في تعيينهم المراهقون بالذلة إذ الإرهاق بالذلة إنما يصيبهم جزاء على كسبهم للسيئات يوم القيامة وحينئذ فلا يعرفون به الآن.

  قوله: (فيعطف) بالنصب في جواب النفي أي حتى يعطف. قوله: (بل جيء به) أي: وحينئذ فهو عطف على جملة سيئة بمثها الواقع اعتراضاً لا على جملة الصلة حتى يكون بعضاً منها قوله: (أن يكون الخبر) أي: وحينئذ فقوله وترهقهم عطف على الخبر. قوله: (جزاء سيئة بمثلها) أي: جملة جزاء سيئة بمثلها على أن جزاء مبتدأ والباء متعلقة بمحذوف خبر أو أن الخبر مثلها وزيدت الباء فيه كما يأتي ما فيه قوله: (لجواز أن يكون الخبر جزاء سيئة بمثلها) أي: ومالهم الخ خبر ثان قوله: (جملة النفي) أي: وهي ما لهم من الله من عاصم. قوله: (جملتان معترضتان) أي: بين المبتدأ والخبر لا بين أجزاء الصلة. قوله: (أو أولئك) أي: وأن يكون الخبر أولئك الخ. قوله: (فالاعتراض) أي: بين المبتدأ والخبر. قوله: (بل معطوف على الذين) أي: فهو في محل رفع خبر لا إنه في محل رفع مبتدأ، وقوله جزاء سيئة مبتدأ عطف على الحسنى. قوله: (أي للذين) هو خبر