الجملة الثانية: المعترضة بين شيئين لإفادة الكلام تقوية وتسديدا أو تحسينا
  وزعم أبو علي أنه لا يُعترض بأكثر من جملة، وذلك لأنه قال في قول الشاعر [من الطويل]:
  ٦٣٥ - أرَانِي ولا كُفْرَانَ للَّهِ أَيَّةً ... لِنَفْسِيَ قَدْ طَالَبْتُ غَيْرَ مُنِيلِ
  إن «أيّة» وهي مصدر «أوَيْتُ له» إذا رَحِمْتَه وَرَفَقْتَ به لا ينتصب به «أوَيْتُ» محذوفة، لئلا يلزم الاعتراض بجملتين قال: وإنما انتصابهُ باسم «لا»، أي: ولا أكفر الله رحمةً مني لنفسي، ولزمه من هذا ترك تنوين الاسم المطول، وهو قول البغداديين، أجازوا «لا طالِعَ جَبَلاً»، أجروه في ذلك مُجْرَى المضاف، كما أجري مجراه في
  قوله: (لأنه قال الخ) أشار بهذا إلى أنه لم يصرح بما زعمه فقوله وذلك أي وبيان الزعم لأنه قال الخ ومصب الأخذ منه قوله لئلا يلزم الاعتراض أي الذي هو ممنوع كما هو ظاهر عبارته، وإن كان يمكن إن مراده أن ذلك خلاف الأصل. قوله: (قد طالبت الخ) هذه الجملة مفعول ثان لأراني والأول هو الباء أي أراني قد طالبت شخصاً غير منيل ومنيل اسم فاعل من أنال إذا أعطى. قوله: (إن أية) مقول القول وقوله وهي مصدر جملة حالية، وقوله لا ينتصب خبر إن وقوله مصدر أويت أي فأصل أية أوية فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقبلت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء قوله: (لئلا يلزم الاعتراض بجملتين) قد يقال هذا الكلام لا يؤخذ منه منع الاعتراض بأكثر من جملة مطلقاً لاحتمال أن يكون الباعث في هذا البيت على منع الاعتراض بجملتين ما يلزم على ذلك من تكثير خلاف الأصل وذلك لأن الاعتراض على خلاف الأصل والحذف كذلك وهذا لا يلزم منه المنع مطلقاً على أنه لا يلزم من تقدير أية معمولاً لأويت الاعتراض بجملتين الاحتمال أن تكون هذه الجملة المقدرة مفعولاً ثانياً لأراني قوله: (قد طالبت) غير منيل حال من فاعل أرى أو من مفعوله الأول اهـ. دماميني قوله: (باسم لا) أي: وهو المصدر أي لا كفران. قوله: (ولزمه من هذا) أي من أجل هذا قوله: (ترك تنوين الاسم المطول) يعني الشبيه بالمضاف وهو ما اتصل به شيء من تمام معناه بأن كان مصدر كما هنا أو اسم فاعل أو اسم مفعول أي مع أن تنوين الاسم الشبيه بالمضاف واجب إذ لا يمنع من تنوين المعرف المنصرف لا أل أو الإضافة وهنا ليس مضافاً ولا محلى بأل قوله: (وهو قول البغداديين) أي: فإنهم قالوا بجواز ترك تنوين اسم لا المطول وخالفوا البصريين. قوله: (أجروه) أي:
٦٣٥ - التخريج: البيت لابن الدمينة في (ديوانه ص ٨٦؛ ولكثير عزة في الدرر ٢/ ٢٢٧، (وفيه «مثيل» ولعله خطأ طباعي)؛ وبلا نسبة في الخصائص ١/ ٣٣٧؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٨٢٠؛ ولسان العرب ١٤/ ٥٣ (أوا)؛ وهمع الهوامع ١/ ١٤٧).
اللغة: كفران مصدر كفر وهو الجحود أيَّةً مصدر أويت، وأويت له رفقت به.
المعنى: أرى أنني طلبت من غير أهل الطلب، ولست بجاحد للمعروف رفقاً بنفسي، فمن شكر الله فلنفسه.