الجملة الثانية: المعترضة بين شيئين لإفادة الكلام تقوية وتسديدا أو تحسينا
  وقد يُجاب عن الآية بأنَّ جملة الأمر دليلُ الجواب عند الأكثرين، ونفسه عند قوم فهي مع جملة الشرط كالجملة الواحدة وبأنه يجب أن يقدر للباء متعلق محذوف، أي أرسلناهم بالبينات لأنه لا يُستثنى بأداة واحدة شيئان، ولا يعمل ما قبل «إلا» فيما بعدها إلا إذا كان مستثنى نحو «ما قام إلا زَيْدٌ»، أو مستثنى منه، نحو: «ما قام إلا زيداً أحدٌ»، أو تابعاً له، نحو: «ما قام أحَدٌ إِلا زَيْداً فاضل».
  ***
  القسم أعني لعمري وقد اعترض بقوله والخطوب إلى آخر البيت. قوله: (لقد باليت) أي: اهتممت واكترثت والمظعن مصدر ميمي أي ظعنها أي سيرها وارتحالها وأم أوفى زوجته طلقها وقوله لا تبالي أي لم تكثرت ولم تهتم بفراقي لها قوله: (وقد يجاب عن الآية) أي: وإنما لم يجب عن كلام زهير لأن الاعتراض فيه بأكثر من جملة ظاهر. قوله: (بأن جملة الأمر) أي: اسألوا أهل الذكر قوله (دليل الجواب) أي: جواب الشرط من قوله إن كنتم قوله: (بأن جملة الأمر) أي اسألوا أهل الذكر قوله: (دليل الجواب) أي: جواب الشرط من قوله إن كنتم. قوله: (وبأنه) عطف على قوله بأن جملة الخ فهو جواب ثان.
  قوله: (متعلق محذوف) أي: وحينئذ فقوله بالبينات مستأنف لا من جملة ما قبله فلا اعتراض حينئذ وعلى هذا فيجوز الوقف على قوله لا تعلمون قوله: (متعلق محذوف) أي: جواب عن سؤال مقدر كأنه قيل بم أرسلوا قوله: (متعلق محذوف) أي: لا بأرسلنا المذكور بحيث يكون داخلاً تحت حكم الاستثناء مع رجالاً أي وما أرسلنا إلا رجالاً بالبينات. قوله: (لأنه لا يستثنى الخ) علة لقوله فإنه يجب أي إنما وجب ذلك ولم يجعل قوله بالبينات متعلقاً بأرسلنا المذكور داخلاً فـ في حين الاستثناء لأنه لا يستثنى بأداة واحدة شيآن أي بدون عطف نحو ما قام إلا زيد عمرو وإلا جاز وما ذكره من المنع فهو أحد قولين وقد أجازه الزمخشري في لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه. قوله: (ولا يعمل الخ) جواب عما يقال نجعله معمولاً لأرسلنا المذكور غير داخل تحت حكم الاستثناء قوله: (ولا يعمل ما قبل إلا) أي: ولا يسلط العامل بنفسه على ما بعد إلا فقوله إلا زيد فاعل قام وقوله إلا زيداً أحد فاعل قام.
  قوله: (فاضل) صفة لأحد فالعامل هو قام لكن يلزم عليه الفصل بين النعت والمنعوت بألا وهو ممنوع والجواب أن القائل بالمنع هو الأخفش وقيد ذلك بكون الصفة واقعة في مركزها الأصلي كما إذا وقع التفريغ في النعت نحو ما مررت بأحد إلا قائم بالجر، وأما إذا كانت الصفة مزالة عن المحل الذي تستحقه بطريق الأصالة فلا يضر لأن أصالة المحل تجذبها إلى التقدم واللصوق بالموصوف فكأنه لم يقع فصل في الحقيقة نظراً للأصل كما نحن فيه، فإن الصفة من قولنا ما قام أحد إلا زيداً فاضل محلها أن تقع إلى جانب الموصوف والفصل عرض لغرض فلا يكترث به.