مسألة
  مسألة - كثيراً ما تشتبه المعترضة بالحالية، ويميزها منها أمور:
  أحدها: أنها تكون غير خبرية كالأمْرِيَّة في {وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ}[آل عمران: ٧٣]، كذا مَثْلَ ابن مالك وغيره، بناءً على أنَّ {أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ} متعلق بـ «تؤمنوا»، وأن المعنى: ولا تظهروا تصديقكم بأن أحداً يؤتى من كتب الله مثل ما أوتيتم وبأن ذلك الأحد يحاجونكم. عند الله يوم القيامة بالحق فيغلبونكم إلا لأهل دينكم لأن ذلك لا يُغير اعتقادهم بخلاف المسلمين، فإن ذلك يزيدهم ثباتاً، وبخلاف المُشركين، فإن ذلك يدعوهم إلى الإسلام، ومعنى الاعتراض حينئذ أن الهدى بيدِ الله، فإذا قدَّره لأحد لم يضره مكرهم.
  والآية محتملة لغير ذلك، وهي أن يكون الكلام قد تمّ عند الاستثناء، والمراد: ولا تظهروا الإيمان الكاذب الذي توقعونه وَجْهَ النهار وتنقضونه آخره إلا لمن كان منكم كعبد الله بن سلام ثم أسلم، وذلك لأن إسلامهم كان أغيظَ لهم، ورجوعهم إلى
مسالة
  قوله: (بالحالية) أي: بأن توجد الجملة مقرونة بالواو وفاصلة بين أمرين متلازمين فلا يدري حينئذ أن الواو للحال أو للاعتراض قوله: (إنها) أي: الاعتراضية تكون الخ، أي وأما الحالية فلا تكون إلا خبرية فمتى وجدت جملة غير خبرية أمرين متلازمين نعلم أنها اعتراضية لا حالية. قوله: (ولا تظهروا تصديقكم) هذا معنى قوله ولا تؤمنوا، وقوله بأن أحد يؤتي أشار بتقدير الباء إلى أن قوله أن يؤتى على حذف الجار. قوله: (ولا تظهروا تصديقكم الخ) اعلم أن علماء اليهود يعلمون ويصدقون أنه يأتي آخر الزمن رسول اسمه محمد ويؤتى كتاباً كما أوتيت رسلهم وإنه يحاججهم يوم القيامة عند ربهم ويغلبهم ثم أنهم تواصوا على أنهم لا يظهرون تصديقهم بذلك إلا لمن كان يهودياً مثلهم ولا يظهرونه للمسلمين لئلا يزدادوا ثباتاً على التصديق بالنبي ولا يظهرونه للمشركين لئلا يسلموا. قوله: (بأن أحداً) أي: محمداً. قوله: (وبأن ذلك) أي: فالمراد لا تظهرون تصديقكم بالأمرين إلا لمن كان على دينكم وفي هذا إشارة إلى أن أو في قوله أو يحاجوكم بمعنى الواو. قوله: (لغير ذلك) أي: لغير الاعتراض الذي قاله ابن مالك. قوله: (والمراد الخ) أي: أن اليهود تواصوا مع بعضهم أن يؤمنوا بمحمد أول النهار ويكفروا آخر النهار لأجل أن المسلمين يرجعون عن الإيمان ويقولون أن اليهود رجعوا لعلمهم أن هذا ليس هو النبي الموصوف عندهم في التوراة ثم إن رؤساءهم أوصوهم أنهم لا يظهرون هذا الإيمان الكاذب إلا لمن كان منهم وأسلم.
  قوله: (ثم أسلم) عطف على كل منكم أي كان منكم ثم أسلم كعبد الله. قوله: (وذلك) أي: وسبب ذلك أي تواصيهم أنهم لا يظهرون هذا بالإيمان الكاذب إلا على من