حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجملة الثانية: المعترضة بين شيئين لإفادة الكلام تقوية وتسديدا أو تحسينا

صفحة 429 - الجزء 2

  وكالاستفهامية في قوله تعالى: {فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا}⁣[آل عمران: ١٣٥] كذا مثل ابن مالك.

  فأما الأولى فلا دليل فيها إذا قدر لهم خبراً، و «ما» مبتدأ، والواو للاستئناف لا عاطفة جملة على جملة، وقُدِّر الكلام تهديداً كقولك لعبدك: «لك عندي ما تختار»، تريد بذلك إيعاده أو التهكم به، بل إذا قدر {لَهُمْ} معطوفاً على {لِلَّهِ} و {مَا} معطوفة على {الْبَنَاتِ}؛ وذلك ممتنع في الظاهر، إذ لا يتعدى فعلُ الضمير المتصل إلى ضميره المتصل إلا في باب ظنّ وفقد وعدم نحو: {فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ}⁣[آل عمران: ١٨٨] فيمن ضم الباء، ونحو: {أَنْ رَأَىهُ اسْتَغْنَى ٧}⁣[العلق: ٧]، ولا يجوز مثل «زَيْدٌ ضَرَبَهُ» تريد ضرب نفسه، وإنما يصح في الآية العطف المذكور إذا قدر أن الأصل: ولأنفسهم، ثم حذف المضاف، وذلك تكلف. ومن العجب أن الفرّاء


  تنزيهية أعني سبحانه قوله: (ولم يصروا) أي: فإنه عطف على استغفروا لذنوبهم وقد فصل بقوله، ومن يغفر الذنوب إلا الله.

  قوله: (فأما الأولى الخ) أي: وهي ويجعلون الله البنات الآية، وقوله فلا دليل فيها على الاعتراض قوله: (لا عاطفة جملة على جملة) أي: فلا اعتراض حينئذ أصلاً. قوله: (لا عاطفة جملة على جملة) أي: لعدم تناسبهما لاختلافهما بالإسمية والفعلية. قوله: (وقدر الكلام تهديداً) أي: فالمعنى حينئذٍ أجازيهم على كلامهم ذلك أي جعلهم البنات الله. قوله: (لك عندي ما تختار) أي: فالمراد من هذا التهديد لا إخباره بأنه يعطيه شيئاً يختاره. قوله: (أبعاده) أي تهديده قوله: (بل إذا قدر) أي: بل إنما تكون ما للاعتراض إذا قدر الخ. قوله: (وذلك ممتنع) المناسب ولكنه ممتنع الخ. قوله: (فعل الضمير المتصل) أي: الفعل المسند إلى الضمير المتصل. قوله: (إلى ضميره المتصل) أي: بأن يكون الفعل متعدياً إلى فاعل ضمير ومفعول ضمير، ومعنى الضميرين شيء واحد كما في ظننتني وفقدتني وعدتني فلا يجوز ضربتني على جعل مصدوق الضميرين شيئاً واحداً. قوله: (ظن) المراد ما أفاد الرجحان أو اليقين، وقوله وفقد عطف على باب ظن وكذا عدم. قوله: (فيمن ضم الباء) أي: في قراءة من ضم الخ، وأما من فتحها فالفاعل عائد على النبي. قوله: (فيمن ضم الباء) أي: مع باء الغيبة فالفاعل الواو المحذوفة لالتقاء الساكنين والهاء مفعول الضميران لشيء واحد قوله: (زيد ضربه) أي: فالفاعل ضمير مستتر والهاء الموجودة مفعول، ومصدوق الضميرين أريد منه شيء واحد.

  قوله: (فإنما يصح الخ) الفاء فاء الفصيحة أي إذا علمت أنه يمتنع في الظاهر فأقول إنما يصح الخ. قوله: (ولا نفسهم) أي: فحينئذ فعل فاعل الضمير المتصل إنما تعدى إلى ظاهر لا إلى ضمير متصل. قوله: (وذلك تكلف) أي: والأولى أن لا يرتكب بل تجعل الآية من غير الاعتراض قوله: (العطف المذكور) أي: عطف المفردات وهو جعل لهم