حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجملة الثانية: المعترضة بين شيئين لإفادة الكلام تقوية وتسديدا أو تحسينا

صفحة 432 - الجزء 2

  وَمَا أَدْرِي وَسَوْفَ إِخَالُ أدْرِي ... [أقَوْمٌ آلُ أم نساء]

  وأما قول الحوفي في {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ ٩٩}⁣[الصافات: ٩٩]: إن الجملة حاليَّة فمردود، وكـ «لَنْ» في {وَلَنْ تَفْعَلُوا}⁣[البقرة: ٢٤]، وكالشَّرط في {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ}⁣[محمد: ٢٢]، {قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا}⁣[البقرة: ٢٤٦]، {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ}⁣[النساء: ١٠٢]، {إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ١٥}⁣[الأنعام: ١٥]، {فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا}⁣[المزمل: ١٧]، {فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ ٨٦ تَرْجِعُونَهَا}⁣[الواقعة: ٨٦ - ٨٧]، وإنما جاز «لأضربنه إن ذهب وإن مكث»؛ لأن المعنى لأضربنه على كل حال، إذ لا يصح أن يشترط وجود الشيء وعدمه لشيء واحد.

  والثالث: أنه يجوز اقترانها بالفاء، كقوله [من الكامل]:

  ٦٣٩ - وَأَعْلَمْ فَعِلْمُ الْمَرْءِ يَنْفَعُهُ ... أنْ سَوْفَ يَأْتِي كُلُّ مَا قُدِرَا


  الحال ولا يقال إنه قد تكون الحال منتظرة فيجوز فيها لأنها مقدر وقوعها في الحال، وإن كان الوقوع في المستقبل. قوله: (وسوف أخال أدري) الشاهد في دخول سوف على أدري فإن ذلك اعتراض بين ما أدري ومعموله وهو جملة الاستفهام. قوله: (فمردود) أي: لتصديرها بعلم استقبال قوله: (وإنما جاز لأضربنه إن ذهب) أي: مع أنهم جعلوا إن ذهب وإن مكث جملة حالية وهذا وارد على كون الجملة الحالية لا تقترن بعلم استقبال. قوله: (لأن المعنى الخ) حاصل هذا الجواب أن إن هنا تجردت عن الشرطية والتعليق المقتضي ذلك للاستقبال إذ ليس المعنى عليها إذ لا. يصح أن يكون المعنيان المتضادان أي الذهاب والمكث سببين لشيء واحد وهو الضرب، فالمراد حينئذ العموم أي لأضربنه على كل حال فإن هذه وصلية لا تمنع الحالية فقوله لأن المعنى الخ في قوله لأن إن تجردت عن الشرطية والمضر في اقتران الجملة الحالية بأن الشرطية المقتضية للاستقبال لا الوصلية، وقوله إذ لا يصح علة للعلة أي وإنما تجردت عن الشرطية لأنه لا يصح الخ. قوله: (والثالث) أي من الأمور التي تميز الاعتراضية من الحالية. قوله: (يجوز اقترانها) أي: الاعتراضية، وأما الحالية فلا يجوز اقترانها بالفاء قوله: (واعلم) الأصل وأعلم أن سوف وقوله فعلم المرء معترضة بدليل اقترانها بالفاء، وقوله فعلم المرء الخ وجه كون هذه الجملة المعترضة تفيد تأكيداً هنا أن الإخبار بأن علم المرء ينفعه فيه باعث وتقوية لامتثال الأمر في قوله واعلم. قوله: أن سوف أن هذه مخففة من الثقيلة واسمها محذوف إما ضمير شأن على مذهب الجمهور وهو الظاهر أو ضمير مخاطب للمأمور بالعمل أي أنك


٦٣٩ - التخريج: البيت بلا نسبة في (الدرر ٤/ ٣٠؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٨٢٨؛ ومعاهد التنصيص ١/ ٣٧٧؛ والمقاصد النحوية ٢/ ٣١٣؛ وهمع الهوامع ١/ ٢٤٨.