حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجملة الثانية: المعترضة بين شيئين لإفادة الكلام تقوية وتسديدا أو تحسينا

صفحة 433 - الجزء 2

  وكجملة {فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا}⁣[النساء: ١٣٥] في قول وقد مضى، وكجملة {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ٣٨}⁣[الرحمن: ٣٨] الفاصلة بين {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً}⁣[الرحمن: ٣٧] وبين الجواب وهو {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ}⁣[الرحمن: ٣٩]، والفاصلة بين {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ ٦٢}⁣[الرحمن: ٦٢] وبين {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ٧٠}⁣[الرحمن: ٧٠] وبين صفتيهما، وهي {مُدْهَامَّتَانِ ٦٤}⁣[الرحمن: ٧٤] في الأولى {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ}⁣[الرحمن: ٧٢] في الثانية، ويحتملان تقدير مبتدأ فتكون الجملة إما صفة وإما مستأنفة.

  الرابع: أنه لا يجوز اقترانها بالواو مع تصديرها بالمضارع المُثبت، كقول المتنبي [من المنسرح]:

  ٦٤٠ - يَا حَادِيَيْ عِيرِهَا، وَأَحْسَبُنِي ... أُوجَدُ مَيْتاً قُبَيْلَ أَفْقِدُهَا


  سوف يأتيك كل ما قدر كما أجازه سيبويه وجماعة في أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا فالمراد أن المقدور آتِ البتة، وإن وقع فيه تأخر وفي هذا تسلية وتسهيل للأمور. قوله: (في قول) أي: والقول الثاني أنها جواب الشرط فلا اعتراض قوله: (بين ومن دونهما جنتان) أي: وبين صفتها وهو قوله مدهامتان أي سوداوان من شدة خضرتهما، وقوله بين فيهن خيرات حسان أي وبين صفتها وهي حور فقوله وبين صفتيهما على التوزيع فيهما. قوله: (فيهن) أي: الجنتين المذكورتين سابقاً بقوله ولمن خاف مقام ربه جنتان، وقوله خيرات أي أخلاقاً حسان وجوهاً وقوله حور أي شديدات سواد العيون وبياضها. قوله: (ويحتملان تقدير مبتدأ) أي: هن حور وهما مدهامتان وقوله صفة أي الخيرات وجنتان. قوله: (فتكون الجملة) أي: جملة هما مدهامتان وجملة من حور. قوله: (يجوز اقترانها بالواو مع تصديرها الخ) أي: بخلاف الحالية فإنها إذا صدرت بمضارع مثبت امتنع اقترانها بالواو لأن المضارع المثبت على زنة اسم الفاعل لفظاً وبتقديره معنى يجب أن تكون مثله في ربطه بذي الحال بالضمير فقط، وأما نحو قول بعض العرب قمت وأصك وجهه وقول الآخر:

  فلما خشيت أظافيرهم ... نجوت وأرهنهم مالكا

  فقد اعتذروا عنه بوجوه أحدهما أنا لا نسلم إن الواو للحال بل هي للعطف والمضارع بمعنى الماضي والأصل وصككت ورهنت لكن عدل إلى المضارع لحكاية الحال الماضية سلمنا أنها للحال لكن لا نسلم إن الحال جملة فعلية بل جملة اسمية باعتبار حذف المبتدأ أي وأنا أصك وأنا أرهنهم كما في لم تؤذونني وقد تعلمون أي وأنتم قد تعلمون الخ. قوله: (عيرها) بكسر العين أي إبلها وليس بفتحها أي حمارها إذ فيه ذم لها،


٦٤٠ - التخريج: البيتان للمتنبي في (ديوانه ٢/ ١٨).

المعنى: يا سائقي ركبها بالله لا ترحلا، فقد ترياني جثة هامدة قبل أن تغيب عني واسمحا لي بنظرة إليها.