الجملة الثالثة التفسيرية
  آمنوا، بدليل {يَغْفِرْ}[الصف: ١٢] بالجزم كقولهم: «اتقى الله امرؤ فعل خيراً يُثَبْ عليه» أي: ليتق الله وليفعل يُتب، وعلى الأول فالجزم في جواب الاستفهام، تنزيلاً للسبب وهو لدلالة منزلة المسبب وهو الامتثال.
  الرابع: {وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا}[البقرة: ٢١٤] وجَوَّز أبو البقاء كونَهَا حالية على إضمار «قذ»، والحال لا تأتي من المضاف إليه في مثل هذا.
  الخامس: {حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا}[الأنعام: ٢٥] إن قدرت «إذا» غير شرطيَّة، فجملة القول تفسير لـ «يجادلونك»، وإلا فهي جواب، «إذا»، وعليهما فـ يجادلونك» حال.
  ***
  قراءة ابن مسعود آمنوا بالله ورسوله وجاهدوا وعلى هذا فجيء بالأمر على لفظ الخبر للإيذان بوجود الامتثال وكأنه امتثل فهو يخبر عن إيمان وجهاد موجودين كما يقول الداعي غفر الله لك ويغفر الله لك جعل المغفرة لقوة الرجاء كأنها موجودة.
  قوله: (بدليل يغفر بالجزم) أي: فإن جزم المضارع عند إسقاط الفاء إنما يكون في جواب الطلب. قوله: (وعلى الأول) أي: وهو كون الجملة مفسرة للتجارة. قوله: (تنزيلاً الخ) جواب عن اعتراض الزجاج بأن يغفر لا يترتب على الدلالة فكيف يكون وقوله يغفر لكم جواباً للاستفهام، وحاصل الجواب أن الدلالة سبب للامتثال والغفران مسبب عن الامتثال فأقام السبب الذي هو الدلالة مقام المسبب الذي هو الامتثال. قوله: (منزلة الخ) أي: فكأنه قال هل تمثلوا يغفر الخ. قوله: (مستهم) هذا تفسير لمثل بمعنى الحال والشأن إذ هو مبهم. قوله: (وجوز أبو البقاء الخ) وجعلها الزمخشري مستأنفة استئنافاً بيانياً كأنه قيل ما حالهم وشأنهم قيل مستهم الخ، وقوله ولما يأتكم أي ولما يصبكم ثم لا يخفى الذين يصيبهم مثل حالهم وشبهه لا نفسه ففي الكلام حذف أي ولما يصبكم مثل مثل الذين أي مثل حالهم.
  قوله: (كونها) أي: جملة مستهم وقوله حالية أي من الذين. قوله: (على إضمار قد) لأن الجملة الماضوية إذا وقعت حالاً يجب اقترانها بقد لتقرب الماضي من الحال. قوله: (والحال) اعتراض على أبي البقاء كأنه قيل وكلامه غير مسلم لأن الحال لا تأتي من المضاف إليه كالذين إلا إذا كان المضاف يعمل عمل الفعل أو كان جزءاً من المضاف إليه، أو مثل جزئه في صحة السقوط فكان عامل المضاف العامل في الحال عامل في المضاف إليه صاحب الحال والمضاف هنا ليس كذلك وحينئذ فلا يصح جعلها حالاً من المضاف إليه.